للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

عَلَيْهِ مَا قَالَ بَعْدَ هَذَا "وَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ. كَأَخَوَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ابْنٌ". وَيُشْكِلُ أَيْضًا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ كَوْنُهُ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِمَا فِي حَمْلِهِ مَا أَطْلَقَ مِنْ الرِّوَايَاتِ، وَقَدْ الْتَزَمَ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّهُ لَا يُطْلِقُ الْخِلَافَ إلَّا إذَا اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا تَشْمَلُ مَنْ لَا يَرِثُ حَالًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ دَفْعِهَا إلَيْهِ، قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي١، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ، بَلْ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا اخْتَارَ ذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ نَظَرٌ أَيْضًا.

الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ النَّظَرِ: كَوْنُهُ حَكَى رِوَايَةً رَابِعَةً بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ وَمَنْ لَا تَجِبُ، فَقَالَ: الرَّابِعَةُ الْمَنْعُ إنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً وَإِلَّا فَلَا. فَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا عَلَى مُصْطَلَحِهِ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَتَانِ الْأُولَتَانِ مُشْتَمِلَتَيْنِ٢ عَلَى مَنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ أَوْ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، مَعَ إطلاقه لهما في جملة ٣"الرِّوَايَاتِ الْمُطْلَقَةِ، وَرِوَايَةُ الْمَنْعِ مِنْهُمَا ضَعِيفَةٌ فِيمَنْ نَفَقَتُهُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، لِتَعَذُّرِ النَّفَقَةِ لِكَوْنِ مَالِهِ لَا يَتَّسِعُ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ الزَّكَاةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ فِي التَّعْلِيقِ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ قَطَعَا بِجَوَازِ الدَّفْعِ إلَيْهِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ بَيْنَ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَصْحَابِ، لِتَقْيِيدِهِمْ الْخِلَافَ بِمِنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نِزَاعٌ، لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى "الْجَوَازُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، كَمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ" وَمِنْ جُمْلَةِ تَعَذُّرِ النَّفَقَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ لَا يَتَّسِعُ لِنَفَقَتِهِ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُهُ؛ لِأَنَّهُ تَابَعَ الْمَجْدَ، وَالْمَجْدُ مَثَّلَ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِنْ حَمَلْنَا الرِّوَايَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا، أَعْنِي رِوَايَةَ الْمَنْعِ، نَاقَضَ مَا قَالَهُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ، كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي جُمْلَةِ الرِّوَايَاتِ فِيهِ نَظَرٌ عَلَى مُصْطَلَحِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا وَعَنْ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ بِأَنَّهُ لَمْ يُفْرِدْ الرِّوَايَةَ بِمَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِهِ، بَلْ أَضَافَهُ إلَى صُورَةٍ أُخْرَى، الْخِلَافُ فِيهَا قَوِيٌّ، وَاَللَّهُ أعلم"٣.


١ ٤/٩٩.
٢ في النسخ الخطية "مشتملتان"، والمثبت من "ط".
٣ ليست في "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>