للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَائِلَةٌ وَلَهُمْ كِفَايَةٌ أَوْ يَكْفِيهِمْ بِمَكْسَبِهِ جَازَ، لِقِصَّةِ الصِّدِّيقِ١ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِلَّا فَلَا.

وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى الضِّيقِ وَلَا عَادَةَ لَهُ بِهِ أَنْ يُنْقِصَ نَفْسَهُ عَنْ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَقْتَرِضُ وَيَتَصَدَّقُ، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي فَقِيرٍ لِقَرِيبِهِ وَلِيمَةٌ: يَسْتَقْرِضُ وَيَهْدِي لَهُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي الطَّبَقَاتِ، قَالَ شَيْخُنَا: فِيهِ صِلَةُ الرَّحِمِ بِالْقَرْضِ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَظُنُّ وَفَاءً.

وَيُسْتَحَبُّ التَّعَفُّفُ فَلَا يَأْخُذُ الْغَنِيُّ صَدَقَةً وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا، فَإِنْ أَخَذَهَا مُظْهِرًا لِلْفَاقَةِ فَيَتَوَجَّهُ التَّحْرِيمُ.

وَيَحْرُمُ الْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ كَبِيرَةٌ، عَلَى نَصِّ أَحْمَدَ: الْكَبِيرَةُ مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ وَيَبْطُلُ الثَّوَابُ بِذَلِكَ، لِلْآيَةِ٢، وَلِأَصْحَابِنَا خِلَافٌ فِيهِ وَفِي بُطْلَانِ طَاعَةٍ بِمَعْصِيَةٍ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْإِحْبَاطَ بِمَعْنَى الْمُوَازَنَةِ، وَذَكَرَهُ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ.

وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ"٣ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ بِي؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمْ الله

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ أخرجه أبو داود "١٦٧٨"، والترمذي "٣٦٧٥"، من حديث عمر بن الخطاب، وفيه: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما أبقيت لأهلك؟ " قال: أبقيت لهم الله ورسوله.
٢ هي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: ٢٦٤] .
٣ البخاري "٤٣٣٠"، ومسلم "١٠٦١" "١٣٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>