وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا, ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا, لِأَنَّ رَمَضَانَ يُعْتَبَر فِيهِ إمْكَانُ الْأَدَاءِ, وَالنَّذْرِ يُحْمَلُ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْفَرْضِ. وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّذْرَ الْمُطْلَقَ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ مُطْلَقًا, بَلْ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ, كَالنَّذْرِ الْمُعَلَّقِ بِشَرْطٍ, وَالنَّذْرُ فِي حَالِ الْمَرَضِ, وَقَضَاءُ رَمَضَانَ; وَمَذْهَبُ "هـ ش" يَلْزَمُ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ كُلَّهُ, لِثُبُوتِهِ فِي ذِمَّتِهِ صَحِيحَةٌ فِي الْحَالِ, كَالْكَفَّارَةِ, بِخِلَافِ مَنْ دَامَ مَرَضُهُ حَتَّى مَاتَ لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهُ يَثْبُتُ فِيهَا الصَّوْمُ, وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ: أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ وَهُوَ مَرِيضٌ وَمَاتَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ يَثْبُتُ الصِّيَامُ فِي ذِمَّتِهِ, وَلَا يُعْتَبَرُ إمْكَانُ الْأَدَاءِ, وَيُخَيَّرُ وَلِيُّهُ ١بَيْنَ أَنْ١ يَصُومَ عَنْهُ أَوْ يُنْفِقَ عَلَى مَنْ يَصُومَ; وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّذْرَ مَحَلُّهُ الذِّمَّةُ, فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إمْكَانُ الْأَدَاءِ كَالْكَفَّارَةِ, وَذَكَرَ نَصُّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ فِي رَجُلٍ مَرِضَ فِي رَمَضَانَ: إنْ اسْتَمَرَّ بِهِ الْمَرَضُ حَتَّى مَاتَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ, وَإِنْ كَانَ نَذْرًا صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ إذَا "هُوَ" مَاتَ. قَالَ: وَأَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَالْفَضْلِ وَابْنِ مَنْصُورٍ, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ يَقْضِي عَنْ الْمَيِّتِ مَا تَعَذَّرَ فِعْلُهُ بِالْمَرَضِ دُونَ الْمُتَعَذِّر بِالْمَوْتِ, لِأَنَّ النَّذْرَ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ يَتَعَلَّقُ بِالْأَيَّامِ الْآتِيَةِ بَعْدَ النَّذْرِ, فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ تَبَيَّنَّا أَنَّ قَدْرَ مَا بَقِيَ مِنْهَا صَادَفَ نَذْرَهُ حَالَةَ مَوْتِهِ, وَهُوَ يَمْنَعُ الثُّبُوتَ فِي ذِمَّتِهِ, كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ فَمَاتَ قَبْلَهُ أَوْ جُنَّ وَدَامَ جُنُونُهُ حَتَّى انْقَضَى, بِخِلَافِ الْقَدْرِ الَّذِي أَدْرَكَهُ حيا وهو
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
١ ١في "س" "بأن".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute