للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ: يَوْمُ الْفِطْرِ فَاصِلٌ, بِخِلَافِ يَوْمِ الشَّكِّ. وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِي الْحَجَّةِ١, وَآكَدُهُ التَّاسِعُ, وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ إجْمَاعًا. قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فِيهِ.

وَقِيلَ: لِأَنَّ جِبْرِيلَ حَجَّ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ, فَلَمَّا أَتَى عَرَفَةَ قَالَ: قَدْ عَرَفْتُ؟ ٢قَالَ: قَدْ عَرَفْتُ٢ وَقِيلَ: لتعارف آدم وحواء بها "م ١" ثم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ ١" قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ, وَآكَدُهَا التَّاسِعُ, وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ إجْمَاعًا. قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ, وَقِيلَ: لِأَنَّ جِبْرِيلَ حَجَّ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ, فَلَمَّا أَتَى عَرَفَةَ قال: قد عرفت, وقيل: لتعارف آدم وحواء بِهَا, انْتَهَى.

هَذِهِ الْأَقْوَالُ لِلْعُلَمَاءِ, وَلَيْسَتْ مَخْصُوصَةٌ بِمَذْهَبٍ, وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ صِحَّةُ أَحَدِهِمَا أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِيَدُلَّ عَلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ سَمَّى الْمَوْقِفَ عَرَفَاتٍ, وَالْيَوْمُ عَرَفَةُ, فَقَالَ عَطَاءٌ: كَانَ جِبْرِيلُ يُرِي إبْرَاهِيمَ الْمَنَاسِك وَيَقُولُ: عَرَفْت, فَيَقُولُ: عَرَفْت. فَسَمَّى ذَلِكَ الْمَكَانَ عَرَفَاتٍ, وَالْيَوْمُ عَرَفَةُ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَمَّا أُهْبِطَ آدَم عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَعَ بِالْهِنْدِ وَحَوَّاءَ بِجُدَّةِ, فَاجْتَمَعَا بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ وَتَعَارَفَا, فَسُمِّيَ الْيَوْمُ عَرَفَةَ, وَالْمَوْضِعُ عَرَفَاتٌ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا أَذَّنَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فَأَجَابُوهُ بِالتَّلْبِيَةِ وَأَتَاهُ مَنْ أَتَاهُ أَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى عَرَفَاتٍ, وَنَعَتَهَا لَهُ, فَخَرَجَ إلَى أَنْ وَقَفَ بعرفات,


١ المراد به الأيام التسعة التي آخرها يوم عرفة وسميت التسع عشرا من إطلاق الكل على الأكثر لأن العاشر لا يصام المطلع ص "١٥٤".
٢ ٢ليست في "ب" و"س" والأثر أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه الجزء العمري ص "٢٩١".

<<  <  ج: ص:  >  >>