للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّلْبِيَةِ, وَيَقُولُ "لَبَّيْكَ إنْ". بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عِنْدَ أَحْمَدَ, قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ أَفْضَلُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْجُمْهُورِ, فَإِنَّهُ حُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَالْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ, وَحَكَى الْفَتْحُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ.

قَالَ ثَعْلَبٌ: مَنْ كَسَرَ فَقَدْ عَمَّ يَعْنِي حَمِدَ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ, قَالَ: وَمَنْ فَتَحَ فَقَدْ خَصَّ, أَيْ لِأَنَّ الْحَمْدَ لَك أَيْ لِهَذَا السَّبَبِ.

وَلَبَّيْكَ لَفْظُهُ مُثَنَّى, وَلَيْسَ بِمُثَنًّى, لِأَنَّهُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ, وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّثْنِيَةَ بَلْ لِلتَّكْثِيرِ١. وَالتَّلْبِيَةُ مِنْ لَبَّ بِالْمَكَانِ إذَا أَقَامَ بِهِ, أَيْ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِك إقَامَةً بَعْدَ إقَامَةٍ, كَمَا قَالُوا: حَنَانَيْكَ وَنَحْوَهُ, وَالْحَنَانُ الرَّحْمَةُ وَعِنْدَ يُونُسَ لَفْظُهَا مُفْرَدٌ, وَالْيَاءُ فِيهَا كَالْيَاءِ فِي عَلَيْك وَإِلَيْك وَلَدَيْك, قُلِّبَتْ الْبَاءُ الثَّالِثَةُ يَاءً اسْتِثْقَالًا لِثَلَاثِ بَاءَاتٍ, ثُمَّ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا, ثُمَّ يَاءً لِإِضَافَتِهَا إلَى مُضْمَرٍ, كَمَا فِي لَدَيْكَ٢, وَرَدَّهُ سِيبَوَيْهِ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ٣:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... .... "فَلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرٍ"

بِالْيَاءِ دُونَ الْأَلِفِ مَعَ إضَافَتِهِ إلَى الظَّاهِرِ, وَهِيَ جَوَابُ الدُّعَاءِ. وَالدَّاعِي قِيلَ: هُوَ اللَّهُ, وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ, وَقِيلَ: إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ والسلام "م ٧"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ ٧" قَوْلُهُ فِي التَّلْبِيَةِ: هِيَ جَوَابُ الدُّعَاءِ, وَالدَّاعِي قِيلَ: هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَقِيلَ مُحَمَّدٌ وَقِيلَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِمَا مِنْ اللَّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ, انْتَهَى. "قُلْت" أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ إبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَدْ قَطَعَ به البغوي وغيره من أهل التفسير.


١ في الأصل "التكبير".
٢ في الأصل "ويديك".
٣ هذا عجز اليت وتمامه:
دعوت لما نابني مسورا
فلبى فلبي يدي مسورا
ينظر الخزانة "٢/٩٢" وسيبويه "١/٣٥٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>