للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّوْجُ الثَّانِي عَلَى أَنْ يَدَعَهَا. وَفِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ الرِّوَايَةُ الَّتِي فِي الْمُكْرَهَةِ عَلَى الْوَطْءِ فِي الصَّوْمِ تُكَفِّرُ وَتَرْجِعُ بِهَا عَلَى الزَّوْجِ; لِأَنَّهُ الْمُلْجِئُ لَهَا إلَى ذَلِكَ, كَمَا قُلْنَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنَفَقَةِ الْقَضَاءِ فِي الْحَجِّ, وَكَمَا قُلْنَا فِي مُحْرِمٍ حُلِقَ رَأْسَهُ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا: إنَّ الْفِدْيَةَ عَلَى الْحَالِقِ, كَذَا قَالَ, وَقَدْ عُرِفَ الْكَلَامُ فِيهِ, فَتَتَوَجَّهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ هُنَا. وَفِي الرَّوْضَةِ: الْمُكْرَهَةُ يَفْسُدُ صَوْمُهَا وَلَا تَلْزَمُهَا كَفَّارَةٌ وَلَا يَفْسُدُ حَجُّهَا وَعَلَيْهَا بَدَنَةٌ, كَذَا قَالَ.

وَيَلْزَمُهُمَا١ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ, وَحُكْمُهُ كَإِحْرَامٍ صَحِيحٍ. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَنْ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ, وَنُصِبَ الْخِلَافُ مَعَ دَاوُد, وَذَكَرَ الشَّيْخُ عَنْ الْحَسَنِ وَمَالِكٍ: يَجْعَلُ الْحَجَّةَ عُمْرَةً.

قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَعْتَمِرَ مِنْ التَّنْعِيمِ, وَإِلَيْهِ يَذْهَبُ مَالِكٌ. لَنَا ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] وَمَا سَبَقَ مِنْ السُّنَّةِ, وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" ٢ الْحَجُّ عَلَيْهِ أَمْرُهُ, وَالْوَطْءُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ, فَهُوَ مَرْدُودٌ, وَيَلْزَمُهُمَا قَضَاؤُهُ إنْ كَانَ فَرْضًا, وَتُجْزِئُهُ الْحَجَّةُ مِنْ قَابِلٍ; لِأَنَّ الْقَضَاءَ يُجْزِئُ عَمَّا يُجْزِئُ عَنْهُ الْأَوَّلُ لَوْ لَمْ يُفْسِدْهُ, لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ, وَقِيلَ لِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: أَيَّتُهُمَا حَجَّةُ الْفَرِيضَةِ؟ الَّتِي أَفْسَدَ أَوْ التي قضى؟ قال: لا أدري.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ في "س" و"ط" "يلزمهما".
٢ تقدم تخريجه ص "٣٨٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>