وَيَعْتَمِرُ مِنْ التَّنْعِيمِ, فَيَكُونُ إحْرَامٌ مَكَانَ إحْرَامٍ.
فَهَذَا الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَفْسُدُ الْإِحْرَامُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ رمي جمرة العقبة, ويلزمه أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْحِلِّ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ, لِيَطُوفَ فِي إحْرَامٍ صَحِيحٍ; لِأَنَّهُ رُكْنُ الْحَجِّ, كَالْوُقُوفِ, وَإِذَا أَحْرَمَ طَافَ لِلزِّيَارَةِ وَسَعَى مَا لَمْ يَكُنْ سَعَى, وَتَحَلَّلَ; لِأَنَّ الْإِحْرَامَ إنَّمَا وَجَبَ لِيَأْتِيَ١ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْحَجِّ, هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّ "الْإِمَامَ" أَحْمَدَ وَالْأَئِمَّةَ أَرَادُوا هَذَا وَسَمَّوْهُ عُمْرَةً; لِأَنَّ هَذِهِ أَفْعَالُهَا, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدُوا عُمْرَةً حَقِيقَةً فَيَلْزَمُهُ سَعْيٌ وَتَقْصِيرٌ.
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا كَالشَّيْخِ, قَالَ: سَوَاءٌ بَعُدَ أَوْ لَا, وَمَعْنَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ, وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا: يَعْتَمِرُ مُطْلَقًا, وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَحْمَدَ, وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي, فِي الْخِلَافِ, وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ, وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كتاب أسباب الهداية وغيرهم "وم" لِمَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِأَنَّ حُكْمَ الْإِحْرَامِ الْمُبْتَدَإِ طَوَافٌ وَسَعْيٌ وَتَقْصِيرٌ, وَالْعُمْرَةُ تَجْرِي مجرى الحج, بدليل القران بينهما.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فِي مُفْرَدَاتِهِ: هُوَ مُحْرِمٌ, لِوُجُوبِ الدَّمِ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ هُنَا أَنَّهُ مُحْرِمٌ وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ ما يباح بالتحلل الأول يمنع أنه محرم وَإِنَّمَا بَقِيَ بَعْضُ أَحْكَامِ الْإِحْرَامِ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَالْمَيْمُونِيُّ وَابْنُ الْحَكَمِ فِيمَنْ وَطِئَ بَعْدَ الرَّمْي: يُنْتَقَضُ إحْرَامُهُ, انْتَهَى.
"قُلْتُ": الصَّوَابُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ. كَمَا قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِمْ, وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُ وَابْنُ رزين
١ في الأصل "الثاني".