للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَنَحْنُ لِأَخْذِ تُرَابِ الْقُبُورِ لِلتَّبَرُّكِ أَوْ النَّبْشِ أَكْرَهُ ; لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي السُّنَّةِ, وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا فَعَلَهُ, كَذَا قَالَ, وَالْأَوْلَى أَنَّ تُرَابَ الْمَسْجِدِ أَكْرَهُ, وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: يَحْرُمُ وَهُوَ أَظْهَرُ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُكْرَهُ للتبرك وَغَيْرِهِ, وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ: يَحْرُمُ, وَفِي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ: أَنَّ أَحْمَدَ كَرِهَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ ; لِأَنَّهُ قَدْ كَرِهَ النَّاسُ إخْرَاجَ تُرَابِ الْمَسْجِدِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ, فَكَذَا هُنَا, كَذَا قَالَ: وَأَحْمَدُ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى مَا قَالَ بَلْ عَلَى مَا سَبَقَ, وَلَعَلَّهُ بِدْعَةٌ عِنْدَهُ.

وَأَمَّا تُرَابُ الْمَسْجِدِ فَانْتِفَاعٌ بِالْمَوْقِفِ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ, وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ بِطِيبِ الْكَعْبَةِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا وَيَلْزَقُ عَلَيْهَا طِيبًا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ, وَذَكَرَهُ عنه جماعة في طيب١ الْحَرَمِ, مِنْهُمْ الْمُسْتَوْعِبُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: فَإِنْ أَلْصَقَهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا لِلتَّبَرُّكِ جَازَ إخْرَاجُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ, كَذَا قَالَ, وَسَبَقَ حُكْمُ التَّيَمُّمِ بِتُرَابِ الْمَسْجِدِ٢ وَمَنَعَ الشَّافِعِيَّةُ لَهُ, ثُمَّ لَوْ جَازَ لَمْ يَلْزَمْ مِثْلُهُ هُنَا ; لِأَنَّهُ يَسِيرٌ جِدًّا لَا أَثَرَ لَهُ, وَقَدْ سَبَقَ.

وَلَا يُكْرَهُ وَضْعُ حَصًى فِي الْمَسْجِدِ, كَمَا فِي مَسْجِدِهِ فِي زَمَنِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبَعْدَهُ, قَالَ فِي الْفُنُونِ فِي الِاسْتِشْفَاءِ بِالطِّيبِ, وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِشْفَاءِ بِمَا يُوضَعُ عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ مِنْ شَمْعٍ وَنَحْوِهِ, قِيَاسًا عَلَى مَاءِ زَمْزَمَ, وَلِتَبَرُّكِ الصَّحَابَةِ بِفَضَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ, كَذَا قَالَ. وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا يَرَى فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِشْفَاءِ بِالطِّيبِ وَنَحْوِهِ نَظَرًا, وَأَنَّهُ لَيْسَ كماء زمزم ولا كفضلاته

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ في الأصل و "ط": "طين".
٢ ١/٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>