فِي الضَّرُورَةِ: أَفْعَالُ الْحَجِّ لَا تَتْبَعُ إحْرَامَهُ فَتَتَرَاخَى عَنْهُ, وَتَنْفَرِدُ بِمَكَانٍ وَزَمَنٍ وَنِيَّةٍ, فَلَوْ مر بعرفة أو عدا حَوْلَ الْبَيْتِ بِنِيَّةِ طَلَبِ غَرِيمٍ أَوْ صَيْدٍ لَمْ يُجْزِئْهُ, وَصَحَّحَهُ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ فِي الْوُقُوفِ فَقَطْ ; لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ١, وَقِيلَ لَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي مَسْأَلَةِ النِّيَّةِ: الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ وَرَمْيُ الْجِمَارِ وَطَوَافُ الْوَدَاعِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ١؟ فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ, فَإِنَّهُ لَوْ عَدَا خَلْفَ غَرِيمِهِ أَوْ رَجَمَ إنْسَانًا بِالْحَصَى وَهُوَ عَلَى الْجَمْرَةِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْتُوتَةِ بِمُزْدَلِفَةَ لَمْ يُجْزِئْهُ ذَلِكَ فِي حَجِّهِ, وَلَكِنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ تَشْتَمِلُ عَلَى جَمِيعِ أَفْعَالِهِ, كَمَا تَشْتَمِلُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى جَمِيعِ أَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا, وَهَذِهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ, وَقَدْ شَمَلَتْهَا نِيَّةُ الْحَجِّ, وَهَذَا بِخِلَافِ الْبَدَلِ عَنْ ذَلِكَ وهو
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
يَعْنِي إذَا أَرَادَ الْمُصَلِّي الشُّرُوعَ فِي الْفَاتِحَةِ فَعَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ, يَنْوِي بِذَلِكَ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَعَنْ الْعُطَاسِ, وَجْهٌ فِي الْمَسْأَلَةِ تَوْجِيهَيْنِ مِنْ عِنْدِهِ,
أَحَدُ التَّوْجِيهَيْنِ أَنَّهُ يُجْزِئُ, فِي قِيَاسٍ لَهُمْ, وَهُوَ الصَّوَابُ,
وَالتَّوْجِيهُ الثَّانِي حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَاطِسِ إذَا حَمِدَ يَنْوِيهِمَا, وَهِيَ: "الْمَسْأَلَةُ ٣ الثَّانِيَةُ" وَقَدْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْإِجْزَاءِ عَنْ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ:
أَحَدُهُمَا لَا يُجْزِئُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ, وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ وابن حمدان وصاحب الفائق وغيرهم.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُجْزِئُهُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ, وَحَمَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ, فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ, عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ, وَعَنْهُ: تَبْطُلُ.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَكُونُ عَلَى التَّوْجِيهِ الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَة الْأُولَى وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ, وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ, قِيَاسًا على مسألة العاطس. والله أعلم
١ ليست في الأصل.