للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخل ابن حزم برباح ونجيح, والنهي عنهما١ فِي مُسْلِمٍ. وَأَخَلَّ أَيْضًا بِغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ فِي الْحَدِيثِ٢, فَلَا اتِّفَاقَ فِي إبَاحَةِ فِيمَا لَمْ يَذْكُرْهُ, وَتَسْوِيَتُهُ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ, وَالْأَشْهَرُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ التَّفْرِقَةُ, وَهُوَ الْأَصَحُّ دَلِيلًا. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ "لَا تُسَمِّ غُلَامَك يَسَارًا وَلَا رَبَاحًا وَلَا نَجِيحًا وَلَا أَفْلَحَ, فَإِنَّك تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ, فَيَقُولُ: لَا" ٣ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هَذَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. ; لِأَنَّهُ عَلَّلَ ذَلِكَ. فَرُبَّمَا كَانَ طَرِيقًا إلَى التَّشَاؤُمِ وَالتَّطَيُّرِ, وَالنَّهْيُ يَتَنَاوَلُ مَا يُطْرِقُ الطِّيَرَةَ, إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُحَرَّمُ, لِحَدِيثِ عُمَرَ٤: إنَّ الْآذِنَ عَلَى مَشْرَبَةِ٥ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ يُقَالُ لَهُ رَبَاحٌ, وَقَالَ: أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ, بِخِلَافِ مَا لَوْ سَمَّى وَاحِدًا مِقْدَامًا وَهُوَ جَبَانٌ, فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ. دَعَاهُ مِنْ جُمْلَةِ الْقَائِلِينَ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ, وَيَكُونُ إثْمُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَدَأَ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ, وَكَذَلِكَ إذَا سَمَّى مَنْ لَيْسَ بِكَرِيمٍ كَرِيمًا, كَذَا قَالَ, وَهَذَا لَيْسَ بِكَذِبٍ ; لِأَنَّ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ مَنْ سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ لَمْ يُرِدْ الْمَدْلُولَ, قَالَ: فَأَمَّا هَذِهِ الْأَلْقَابُ فَإِنَّهَا مُحْدَثَةٌ, عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ, وَعُمَرَ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ في الأصل: "عنها".
٢ أخرج مسلم في صحيحه "٢١٣٧" "١٢" عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أحب الكلام إلى الله أربع ... " الحديث. وفيه: "ولا تسمين غُلَامَك: يَسَارًا وَلَا رَبَاحًا وَلَا نَجِيحًا وَلَا أفلح ... "
٣ تقدم في الهامش قبله.
٤ أخرج مسلم في صحيحه "١٤٧٩" "٣٠" عن ابن عباس: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه ... " الحديث. وفيه: فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على أسكفة المشربة ... فناديت: يارباح! استأذن لي عندك عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٥ المشربة: الغرفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>