للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَزِمَ قَبُولُهُ, وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ: لَا, وَهُوَ أَظْهَرُ, وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي التَّمْهِيدِ مَسْأَلَةَ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ: أَنَّ مَنْ أَخْبَرَ بِلُصُوصٍ فِي طَرِيقِهِ وَظُنَّ صِدْقُهُ لَزِمَهُ تَرْكُهُ. وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ١ عَنْ الْمُخَالِفِ فِي خَبَرِ وَاحِدٍ, وَلَوْ حَذَّرَ فَاسِقٌ مِنْ طَرِيقٍ وَجَبَ قَبُولُهُ عُرْفًا, فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ, لِاحْتِمَالِ قَصْدِ تَعْوِيقِهِ أَوْ التَّهَزِّي, وَالْأَصْلُ السَّلَامَةُ. وَمَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْجَامِعِ ذَكَرَهُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ, قَالَ: لِأَنَّ الِاسْتِئْذَانَ وَالْهَدِيَّةَ مَوْضُوعُهُمَا عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ, بِدَلِيلِ قَبُولِهِ مِنْ الصَّبِيِّ, وَالْقِبْلَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الِاحْتِيَاطِ, لِعَدَمِ قَبُولِهِ مِنْ الصَّبِيِّ. وَيُحْتَجُّ لِذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبِلَ هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ وَهِيَ عَلَى أَيْدِي كُفَّارٍ٢, لَكِنْ قَدْ يُقَالُ هَذَا مَعَ قَرِينَةٍ رُبَّمَا أَفَادَتْ الْعِلْمَ فَضْلًا عَنْ الظَّنِّ, نَحْوُ مُكَاتَبَةٍ وَعَلَامَةٍ بِرِسَالَةٍ وَغَيْرِهَا, فَلَا يُفِيدُ الْإِطْلَاقُ, وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى.

"الثَّالِثُ" أَنْ يَكُونَ مُبَاحَ النَّفْعِ وَالِاقْتِنَاءِ بِلَا حَاجَةٍ, كَعَقَارٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ, وَالْقِيَاسُ فِيهِمَا, لَا إنْ نَجِسَا, قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ, وَدُودِ قَزٍّ, وَحَرَّمَهُ فِي الِانْتِصَارِ, وَبِزْرِهِ٣. وَفِيهِ وَجْهٌ, وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ قَالَ: كَبَيْضِ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ"٤. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: لَا يَصِحُّ قَبْضُ مُمَيِّزٍ هِبَةً وَلَا قَبُولُهَا, عَلَى أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ, وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ "قُلْت": وَهَذَا الْمَذْهَبُ, وَقَدْ مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ ذِكْرِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ٤" ٥.

"وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ" يَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ دُونَ غَيْرِهِ, وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ, وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هذا المذهب


١ ٤/٣٦٣.
٢ أخرج البخاري "٢٦١٦", ومسلم "٢٤٦٩", عن أنس: أن أكيدر دومة أهدى لللنبي صلى الله عليه وسلم
٣ هو: بيض دود القز, تشبيها له ببزر البقل. "المصباح": "بزر".
٤ ليست في "ح".
٥ ٤/٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>