للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ, وَكَذَلِكَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ, وَذَكَرَ عَدَمَ الْبُطْلَانِ فِي اسْتِخْدَامِهِ لِلتَّجْرِبَةِ قَوْلًا مُؤَخَّرًا وَالْمُقَدِّمُ خِلَافَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ وَالْمُصَنِّفِ, وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا, قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّجْرِبَةِ لِلْمَبِيعِ, كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِيَنْظُرَ سَيْرَهَا, أَوْ الطَّحْنِ عَلَيْهَا لِيَعْلَمَ قَدْرَ طَحْنِهَا, أَوْ اسْتِخْدَامِ الْجَارِيَةِ فِي الْغَسْلِ وَالطَّبْخِ وَالْخَبْزِ, لَا يَبْطُلُ الْخِيَارُ, رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَهُ تَجْرِبَتُهُ وَاخْتِبَارُهُ بِرُكُوبٍ وَطَحْنٍ وَحَلْبٍ وَغَيْرِهَا. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الْوَجِيزِ. وَقَالَ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ: وَتَصَرُّفُهُ بِكُلِّ حَالٍ رِضًا إلَّا لِتَجْرِبَةٍ, وَقَالَ الشَّارِحُ: فأما ما يستعلم به البيع, كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِيَخْتَبِرَ فَرَاهَتَهَا, وَالطَّحْنِ عَلَى الرَّحَى لِيَعْلَمَ قَدْرَهُ, وَنَحْوِ ذَلِكَ, فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا, وَلَا يَبْطُلُ بِهِ الْخِيَارُ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ١: وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ إلَّا بِمَا تَحْصُلُ بِهِ تَجْرِبَةُ الْمَبِيعِ, وَجَعَلَ فِي الْكَافِي٢, مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ تَجْرِبَةِ الْمَبِيعِ, وَقَطَعَ فِي تَجْرِبَةِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ, "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّ الِاسْتِخْدَامَ لِلتَّجْرِبَةِ وَالِاخْتِبَارِ يَسْتَوِي فِيهِ الْآدَمِيُّ وَغَيْرُهُ, وَلَا تَشْمَلُهُ الرِّوَايَةُ الْمُطْلَقَةُ, وَمَنْشَأُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ حَرْبًا نَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْجَارِيَةَ إذَا غَسَلَتْ رَأْسَهُ أَوْ غَمَزَتْ رِجْلَهُ أَوْ طَبَخَتْ يَبْطُلُ خِيَارُهُ, فَقَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مَا قُصِدَ بِهِ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ تَجْرِبَةُ الْمَبِيعِ لَا يُبْطِلُ الْخِيَارَ, كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِيَعْلَمَ سَيْرَهَا, وَمَا لَا يُقْصَدُ بِهِ ذَلِكَ يُبْطِلُ, كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِحَاجَتِهِ, انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ, بَلْ الْغَالِبُ لَا يَكُونُ الْخِيَارُ إلَّا لِلتَّرَوِّي وَلِمَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ, وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّجْرِبَةِ, وَالْمَقْصُودُ أَنَّ إدْخَالَ الْمُصَنِّفِ الِاسْتِخْدَامَ لِلتَّجْرِبَةِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ مَعَ إطْلَاقِهِمَا فِيهِ نَظَرٌ, وَالرِّوَايَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا لَا تُقَاوِمُ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى, بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ مَحَلَّ الرِّوَايَتَيْنِ الْمُطْلَقَتَيْنِ فِي غَيْرِ الِاسْتِخْدَامِ لِلتَّجْرِبَةِ, وَأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ لِلتَّجْرِبَةِ لَا يُبْطِلُ خِيَارَهُ وَإِنْ قِيلَ فيه قول المصنف, والله أعلم.


١ المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف ١١/٣١٠.
٢ ٣/٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>