وَفِي الِانْتِصَارِ وَمُفْرَدَاتِ أَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ: لَا فَسْخَ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ, كَصُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَةٍ, وَآيَاتٍ فِي الْمُصْحَفِ, لِلْعَادَةِ, كَغَبْنٍ يَسِيرٍ, وَلَوْ مِنْ وَلِيٍّ, قَالَ أَبُو يَعْلَى: وَوَكِيلٌ, وَقَالَ فِي وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ: لَوْ كَثُرَ الْغَبْنُ بَطَلَ. وَقَالَ أَيْضًا: يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِمَا, وَذَكَرَ أَيْضًا الْفَسْخَ بعيب
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
"أَحَدُهُمَا" يَأْخُذُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ مَعَ بَقَائِهِ, لِأَنَّهُ فَسْخٌ أَوْ إسْقَاطٌ, قَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَأْخُذُهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ الْبَائِعُ, وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ, فَقَالَ: لَا يَجِبُ كَوْنُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ فِي الْأَصَحِّ, قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي أَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ, فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ فَسْخُ الْعَقْدِ فِي مِقْدَارِ الْعَيْبِ وَالرُّجُوعُ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ, وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ, وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ إسْقَاطُ جُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ الَّذِي تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ, وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ قَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ, وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْأَرْشَ فَسْخٌ أَوْ إسْقَاطٌ لِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ مُعَاوَضَةُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فَسْخًا أَوْ إسْقَاطًا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِقَدْرِهِ مِنْ الثَّمَنِ, وَيَسْتَحِقُّ جُزْءًا مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ مَعَ بَقَائِهِ, بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّهُ مُعَاوَضَةٌ, انْتَهَى.
"قُلْت": قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْأَرْشَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ مِنْ الْمَبِيعِ, وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ: إذَا قُلْنَا: هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ, فَهَلْ هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ قِيمَتِهِ؟ ذَهَبَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ إلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْقِيمَةِ, وَذَهَبَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ وَابْنُ الْبَنَّا إلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْعَيْنِ الْفَائِتَةِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذلك جواز الْمُصَالَحَةِ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ قُلْنَا: الْمَضْمُونُ الْعَيْنُ, فَلَهُ الْمُصَالَحَةُ عَنْهَا بِمَا شَاءَ, وَإِنْ قُلْنَا: الْقِيمَةُ, لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَ عنها بأكثر من جنسها, انتهى