للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَ مَنْ أَطْلَقَ هَذَا, إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ إذَا قَصَدَ بِالْأَوَّلِ الثَّانِيَ يَحْرُمُ, وَرُبَّمَا قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ. وَقَالَ أَيْضًا يحتمل١ إذَا قَصَدَا أَنْ لَا يَصِحَّا, وَإِنْ سَلَّمَ فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ خَلَا عَنْ ذَرِيعَةِ الرِّبَا. وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: بِئْسَ مَا شَرَيْت وَبِئْسَ مَا اشْتَرَيْت٢. أَنَّهُ لِلتَّأْكِيدِ.

قَالَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ فَعَلَهَا: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ الْحَدِيثُ. وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْوَرَعِ, لِأَنَّهُ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ, مَعَ أَنَّهُ ذُكِرَ عَنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَبْطَلَ جِهَادَهُ, أَنَّهَا أَوْعَدَتْ عَلَيْهِ. وَمَسَائِلُ الْخِلَافِ لَا يَلْحَقُ فِيهَا الْوَعِيدُ,

وَعَكْسُ الْعَيِّنَةِ مِثْلُهَا, نَقَلَهُ حَرْبٌ, وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يَجُوزُ بِلَا حِيلَةٍ, وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ يَبِيعُ الشَّيْءَ بِمَ يَجِدُهُ يُبَاعُ أَيَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ بِالنَّقْدِ قَالَ: لَا, وَلَكِنْ بِأَكْثَرَ لَا بَأْسَ, وَلَوْ احْتَاجَ إلَى نَقْدٍ فَاشْتَرَى مَا يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَتَيْنِ فَلَا بَأْسَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَهِيَ التَّوَرُّقُ, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ, وَحَرَّمَهُ شَيْخُنَا. نَقَلَ أَبُو دَاوُد: إنْ كَانَ لَا يُرِيدُ بَيْعَ الْمَتَاعِ الَّذِي يَشْتَرِيهِ مِنْك هُوَ أَهْوَنُ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ بَيْعَهُ فَهُوَ الْعَيِّنَةُ, وَإِنْ بَاعَهُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ, وَهِيَ الْعَيِّنَةُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَكَرِهَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ لَا يَبِيعَ الرَّجُلُ إلَّا نَسِيئَةً, مَعَ جَوَازِهِ, وَمَنْ بَاعَ غَرِيمَهُ بِزِيَادَةٍ لِيَصْبِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ, وَلَوْ بَاعَ رِبَوِيًّا نَسِيئَةً حَرُمَ أَخْذُهُ عَنْ ثَمَنِهِ مَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً, لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ, قَالَهُ أَحْمَدُ, وَجَوَّزَهُ شَيْخُنَا لِحَاجَةٍ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ مُطْلَقًا, وَقَالَ: قِيَاسُ مَسْأَلَةِ الْعَيِّنَةِ أخذ غير جنسه.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ في "ط": "يحرم".
٢ أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٥/٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>