بَعْضًا تَجْرِي مَجْرَى الشَّخْصِ الْوَاحِدِ فِي مُعَاهَدَتِهِمْ, فَإِذَا شُرِطُوا عَلَى أَنَّ تُجَّارَهُمْ يَدْخُلُونَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذُوا لِلْمُسْلِمِينَ شَيْئًا وَمَا أَخَذُوهُ كَانُوا ضَامِنِينَ لَهُ وَالْمَضْمُونُ يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِ التُّجَّارِ جَازَ ذَلِكَ كَمَا تَجُوزُ نَظَائِرُهُ, لِهَذَا لَمَّا قَالَ الْأَسِيرُ الْعُقَيْلِيُّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُحَمَّدُ, عَلَامَ أَخَذْتنِي وَسَابِقَةَ الْحَاجِّ يَعْنِي نَاقَتَهُ قَالَ: "بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِك مِنْ ثَقِيفٍ" ١, فَأَسَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْعُقَيْلِيَّ وَحَبَسَهُ لِيَنَالَ بِذَلِكَ مِنْ حُلَفَائِهِ مَقْصُودَهُ, قَالَ: وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إذَا أَخَذُوا مَالًا لِتُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُطَالِبَهُمْ بِمَا ضَمِنُوهُ وَيَحْبِسَهُمْ عَلَى ذَلِكَ, كَالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ..
وَيَصِحُّ ضَمَانُ حَالٍّ مُؤَجَّلًا, نُصَّ عَلَيْهِ, وَيَصِحُّ عَكْسُهُ, فِي الْأَصَحِّ مُؤَجَّلًا, وَقِيلَ: حَالًّا وَلِلضَّامِنِ مُطَالَبَةُ الْمَدْيُونِ بِتَخْلِيصِهِ, فِي الْأَصَحِّ إذَا طُولِبَ, وَقِيلَ: أَوْ لَا إذَا ضَمِنَهُ بِإِذْنِهِ, وَقِيلَ أَوْ لَا, وَإِذَا قَضَى عَنْهُ بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ وَقِيلَ: أَوْ أَطْلَقَ, وَهُوَ ظَاهِرٌ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ: هَلْ مَلَّكَهُ شَيْئًا؟ إنَّمَا ضَمِنَ عَنْهُ, كَالْأَسِيرِ يَشْتَرِيهِ, أَلَيْسَ كُلُّهُمْ قَالَ يَرْجِعُ؟ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ أَوْ أَحَالَ بِهِ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِمَّا قَضَى, أَوْ قَدْرِ دَيْنِهِ, مُطْلَقًا, نُصَّ عَلَيْهِ, اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ, لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: من الآية٦] وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ بِهِ فِي الْأُمِّ, لِكَوْنِهَا أَحَقَّ بِرَضَاعِهِ, وَكَإِذْنِهِ فِي ضَمَانِهِ أَوْ قَضَائِهِ, وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَظْهَرُ فِيهَا كَذَبْحِ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فِي مَنْعِ الضَّمَانِ وَالرُّجُوعِ, لِأَنَّ القضاء هنا إبراء, كتحصيل
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ الرُّجُوعُ, لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ..
١ أخرجه مسلم "١٦٤١" "٢", من حديث عمران بن حصين.