للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُدَّةً، وَمَاءِ فَائِضِ بِرْكَةٍ رَأَيَاهُ وَإِجَارَةِ حَيَوَانٍ لِأَخْذِ لَبَنِهِ قَامَ بِهِ هُوَ أَوْ رَبُّهُ، فَإِنْ قَامَ عَلَيْهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَعَلَفهَا فَكَاسْتِئْجَارِ الشَّجَرِ، وَإِنْ عَلَفَهَا رَبُّهَا وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي لَبَنًا مُقَدَّرًا فَبَيْعٌ مَحْضٌ، وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ اللَّبَنَ مُطْلَقًا فَبَيْعٌ أَيْضًا، وَلَيْسَ هَذَا بِغَرَرٍ، لِأَنَّ الْغَرَرَ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ، فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْقِمَارِ الَّذِي هُوَ الْمَيْسِرُ، وَهُوَ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، كَبَيْعِ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ.

قَالَ: وَالْمَنَافِعُ وَالْفَوَائِدُ تَدْخُلُ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعِ سَوَاءً كَانَ الْأَصْلُ مُحْتَبَسًا بِالْوَقْفِ أَوْ غَيْرَ مُحْتَبَسٍ، كَالْعَارِيَّةِ وَنَحْوِهَا، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّارِعُ فِي مَنِيحَةِ الشَّاةِ، وَهُوَ عَارِيَّتُهَا لِلِانْتِفَاعِ بِلَبَنِهَا، كَمَا يُعِيرُهُ الدَّابَّةَ لِرُكُوبِهَا، وَلِأَنَّ هَذَا يَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَهُوَ بِالْمَنَافِعِ أَشْبَهُ، فَإِلْحَاقُهُ بِهَا أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِعَقْدِ الْإِجَارِةِ عَلَى زَرْعِ الْأَرْضِ هُوَ عَيْنٌ مِنْ الْأَعْيَانِ، وَهُوَ وَمَا يُحْدِثُهُ مِنْ الْحَبِّ بِسَقْيِهِ وَعَمَلِهِ، وَكَذَا مُسْتَأْجِرُ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا مَقْصُودُهُ مَا يُحْدِثُهُ اللَّهُ مِنْ لَبَنِهَا بِعَلَفِهَا وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَالْآفَاتُ وَالْمَوَانِعُ الَّتِي تَعْرِضُ لِلزَّرْعِ أَكْثَرُ مِنْ آفَاتِ اللَّبَنِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الْجَوَازُ وَالصِّحَّةُ.

قَالَ: وَكَظِئْرٍ، وَمِثْلُهَا نَفْعُ بِئْرٍ وَفِي الْمُبْهِجِ وَغَيْرِهِ مَاءُ بِئْرٍ. وَفِي الْفُصُولِ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْإِجَارَةِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِحِيَازَتِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ غَارَ مَاءُ دَارٍ مُؤَجَّرَةٍ فَلَا فَسْخَ، لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْإِجَارَةِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: لَا يَمْلِكُ عَيْنًا وَلَا يَسْتَحِقُّهَا بِإِجَارَةٍ إلَّا نَفْعَ بِئْرٍ فِي مَوْضِعٍ مُسْتَأْجَرٍ، وَلَبَنَ ظِئْرٍ [فإنهما] يدخلان١ تَبَعًا، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ الْمَاءَ لَمْ يَجُزْ مَجْهُولًا وَإِلَّا جَازَ. ويكون على أصل

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ في "ط": " فيه خلاف".

<<  <  ج: ص:  >  >>