للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخُذُ لَهَا أُجْرَةً وَلَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا فَعَارِيَّةٌ، ولو أركب دابته منقطعا لله لم يَضْمَنْ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَكَذَا رَدِيفٌ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ نِصْفَ الْقِيمَةِ.

يُقَالُ: رَدِفْته بِكَسْرِ الدَّالِ أَرْدَفُهُ١ بِفَتْحِهَا إذَا رَكِبْت خَلْفَهُ، وَأَرْدَفْتُهُ أَنَا، وَأَصْلُهُ مِنْ رُكُوبِهِ عَلَى الرِّدْفِ، وَهُوَ الْعَجُزُ، وَيُقَالُ رِدْفٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَرَدِيفٌ.

وَلَوْ سَلَّمَ شَرِيكٌ شَرِيكَهُ الدَّابَّةَ فَتَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ ولا تعد، بأن ساقها

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَنْ قَالَ: هِيَ إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ، لَمْ يُجَوَّزْ لَهُ الْإِعَارَةُ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَنْ قَالَ: هِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، أَجَازَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ عَدَمُ جَوَازِ إعَارَتِهَا عَلَى كِلَا٢ الْوَجْهَيْنِ، فَفِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي٣ وَالْمُقْنِعِ٤ وَالْهَادِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهَا هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، وَقَالُوا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَا يَمْتَنِعُ هِبَةُ شَيْءٍ مَخْصُوصٍ وَعَدَمُ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَصَحَّحَ فِي النَّظْمِ عَدَمَ الْجَوَازِ أَيْضًا مَعَ إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ فِي كَوْنِهَا هِبَةَ مَنْفَعَةٍ أَوْ إبَاحَةَ مَنْفَعَةٍ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي٥ وَالشَّرْحِ٤ الْجَوَازُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، وَتَابَعَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: أَصْلُ هَذَا مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْإِعَارَةَ إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ٦، وَقَالَ عَنْ الْوَجْهِ الثَّانِي: يَتَفَرَّعُ عَلَى رِوَايَةِ اللُّزُومِ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ٧، انتهى.


١ في الأصل: "أردفه".
٢ في "ط": "كلام".
٣ ٣/٤٩٢.
٤ المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف ١٥/٩٥-٩٧.
٥ ٧/٣٤٧، والذي في "المغني" التصريح بعدم الجواز وبأنها منفعة لاهبة.
٦ ليست في "ح".
٧ ليست في "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>