للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَّلَ الْأَصْحَابُ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّهُ لَا تَفْرِيطَ مِنْ الْمَالِكِ، وَلَا ذِمَّةَ لَهَا فَيَتَعَلَّقُ بِهَا، وَلَا قَصْدَ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا، بِخِلَافِ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ وَالْعَبْدِ، وتبين ذلك أنهم ذَكَرُوا جِنَايَةَ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ، وَأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُهَا، قَالُوا: لِأَنَّ جِنَايَتَهُ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَضَمِنَهَا، لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَصَلَ فِي يَدِ الْمَغْصُوبِ، فَهَذَا التَّخْصِيصُ وَتَعْلِيلُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فِي الْبَهِيمَةِ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ.

وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي جِنَايَاتِ الْبَهَائِمِ: لَوْ نَقَبَ لِصٌّ وَتَرَكَ النَّقْبَ فَخَرَجَتْ مِنْهُ الْبَهِيمَةُ ضَمِنَهَا وَضَمِنَ مَا تَجْنِي بِإِفْلَاتِهَا وَتَخَلِّيهَا، وَقَدْ يَحْتَمِلُ إنْ جَازَهَا وَتَرَكَهَا بِمَكَانٍ ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ بِتَرْكِهَا فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَهَا بِمَكَانِهَا وَقْتَ الْغَصْبِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِهَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ فِي نَقْلِ التُّرَابِ مِنْ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ: إنْ أَرَادَهُ الْغَاصِبُ وَأَبَى الْمَالِكُ فَلِلْغَاصِبِ ذَلِكَ مَعَ غَرَضٍ صَحِيحٍ، مِثْلُ أَنْ كَانَ نَقَلَهُ إلَى مِلْكِ نَفْسِهِ، فَيَنْقُلُهُ لِيَنْتَفِعَ بِالْمَكَانِ، أَوْ كَانَ طَرَحَهُ فِي طَرِيقٍ فَيَضْمَنُ مَا يَتَجَدَّدُ بِهِ مِنْ جِنَايَةٍ عَلَى آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ وَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ، مِثْلُ أَنْ كَانَ نَقَلَهُ إلَى مِلْكِ الْمَالِكِ أَوْ طَرَفِ الْأَرْضِ الَّتِي حَفَرَهَا، وَيُفَارِقُ طَمَّ الْبِئْرِ، لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ غَرَضٍ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ ضَمَانَ جِنَايَةِ الْحَفْرِ، زَادَ ابْنُ عَقِيلٍ ولعله معنى كلام بعضهم أو جناية العثر١ بالتراب.

وَيَضْمَنُ سَائِقٌ وَقَائِدٌ وَرَاكِبٌ مُتَصَرِّفٌ فِيهَا، وَقِيلَ: إنْ اجْتَمَعُوا ضَمِنَ رَاكِبٌ، وَقِيلَ: وَقَائِدٌ جِنَايَتَهَا، وَعَنْهُ: حَتَّى بِرِجْلِهَا، كَكَبْحِهَا وَنَحْوِهِ، وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ، وكوطئها بها.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ في "ط": "الغير".

<<  <  ج: ص:  >  >>