للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ وِفَاقٌ، وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ١.

قَالَ شَيْخُنَا: وَلِلْمَظْلُومِ الِاسْتِعَانَةُ بِمَخْلُوقٍ فَبِخَالِقِهِ أَوْلَى، فَلَهُ الدُّعَاءُ "٢بِمَا آلَمَهُ٢" بِقَدْرِ مَا مُوجِبُهُ أَلَمُ ظُلْمِهِ، لَا عَلَى مَنْ شَتَمَهُ أَوْ أَخَذَ مَالَهُ بِالْكُفْرِ وَلَوْ كَذَبَ عَلَيْهِ لَمْ يَفْتَرِ عَلَيْهِ، بَلْ يَدْعُو اللَّهَ بِمَنْ يَفْتَرِي عَلَيْهِ نظيره، وكذا إن أفسد عليه دينه.

قَالَ: وَمَنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ بِاخْتِيَارِهِ وَتَمَكَّنَ مِنْهُ فَلَمْ يَسْتَوْفِهِ حَتَّى مَاتَ طَالَبَ بِهِ وَرَثَتَهُ وَإِنْ عَجَزَ هُوَ وَوَرَثَتُهُ فَالْمُطَالَبَةُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَفِي الْأَشْبَهِ، كَمَا فِي الْمَظَالِمِ لِلْخَبَرِ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ أَخِيهِ مَظْلَمَةٌ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ" ٣ لِأَنَّهَا لَوْ انْتَقَلَتْ لَمَا اسْتَقَرَّ لِمَظْلُومٍ حَقٌّ فِي الْآخِرَةِ، وَالْإِرْثُ مَشْرُوطٌ بِالتَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ، كَمَا أَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِالْعِلْمِ بِالْوَارِثِ، فَلَوْ مَاتَ مَنْ لَهُ عَصَبَةٌ بَعِيدَةٌ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ لَمْ يَرِثْهُ فِي الدُّنْيَا وَلَا الْآخِرَةِ، وَهَذَا عَامٌّ فِي حَقِّ اللَّهِ، وَالْعَبْدُ مَشْرُوطٌ بِالتَّمْكِينِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَالْمَجْهُولُ وَالْمَعْجُوزُ عَنْهُ كَالْمَعْدُومِ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَبُّ اللُّقَطَةِ: "هِيَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ".

قَالَ أَحْمَدُ: الدُّعَاءُ قِصَاصٌ وَمَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَمَا صَبَرَ، يُرِيدُ أَنَّهُ انْتَصَرَ {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى:٤٣] وَأَجْرُهُ أَعْظَمُ وَيُعِزُّهُ الله٤ ولا يذله والله أعلم.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ ١/٤١٦.
٢ ليست في الأصل.
٣ البخاري "٢٤٤٩"، وأحمد "١٠٥٧٣"، والترمذي "٢٤١٩"، من حديث أبي هريرة.
٤ ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>