للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَأْخُذَهَا سُلْطَانٌ جَائِرٌ أَوْ يُطَالِبَهُ بِأَكْثَرَ عُذْرًا فِي تَرْكِ تَعْرِيفِهَا، فَإِنْ أَخَّرَ لَمْ يَمْلِكْهَا إلَّا بَعْدَهُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ عُذْرًا حَتَّى يَمْلِكَهَا بِلَا تَعْرِيفٍ، وَلِهَذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا بَعْدَهُ، وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ خَوْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ.

وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: تَبْقَى بِيَدِهِ فَإِذَا وَجَدَ أَمْنًا عَرَّفَهَا حَوْلًا، وَلَا يُعَرِّفُ مَا لَا تَتْبَعُهُ هِمَّةُ أَوْسَاطِ النَّاسِ وَلَوْ كَثُرَ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هِمَّتُهُ كَتَمْرَةٍ وَكِسْرَةٍ وَشِسْعٍ، قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَصَدَقَتُهُ بِهِ أَوْلَى، وَلَهُ أَخْذُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهُ، وَقِيلَ: مُدَّةً يُظَنُّ طَلَبَ رَبِّهِ لَهُ، وَقِيلَ: دُونَ نِصَابِ سَرِقَةٍ، وَقِيلَ: دُونَ قِيرَاطٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ بَدَلِهِ، خِلَافًا لِلتَّبْصِرَةِ، وَكَلَامُهُمْ فِيهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ فِي التَّمْرَةِ يَجِدُهَا أَوْ يُلْقِيهَا عُصْفُورًا يَأْكُلُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَيُطْعِمُهَا صَبِيًّا أَوْ يَتَصَدَّقُ؟ قَالَ: لَا يَعْرِضُ لَهَا، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ١، وَيَنْتَفِعُ بِكَلْبٍ مُبَاحٍ، وَقِيلَ: يُعَرِّفُهُ سَنَةً.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

أَحَدُهُمَا: يَمْلِكُهَا، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَمْلِكُهَا، قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: وَيُشْبِهُ هَذَا مَنْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا إذَا سَبَقَهُ غَيْرُهُ إلَى مَا تَحَجَّرَهُ فَأَحْيَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ انْتَهَى. قُلْت: قَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَتَقَدَّمَ تَصْحِيحُهَا فِي الْبَابِ الَّذِي قبله.


١ في الأصل: "الزراق".

<<  <  ج: ص:  >  >>