للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتُبَاعَانِ١ وَيُنْفَقُ عَلَى الْمَسْجِدِ، وَيُبْدَلُ مَكَانَهُمَا جِذْعَيْنِ؟ قَالَ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَاحْتَجَّ بِدَوَابِّ الْحَبْسِ الَّتِي لَا يُنْتَفَعُ بِهَا تُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثمنها في الحبس، قال في الفنون٢: لَا بَأْسَ بِتَغْيِيرِ حِجَارَةِ الْكَعْبَةِ إنْ عَرَضَ لَهَا مَرَمَّةٌ، لِأَنَّ كُلَّ عَصْرٍ احْتَاجَتْ فِيهِ إلَيْهِ قَدْ فُعِلَ، وَلَمْ يَظْهَرْ نَكِيرٌ وَلَوْ تَعَيَّبَتْ الْآلَةُ لَمْ يَجُزْ، كَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ، وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ٣ مَقَامَهُ، وَلَا يَنْتَقِلُ النُّسُكُ مَعَهُ، كَآيِ الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا عَنْ سُورَةٍ هِيَ فِيهَا، لِأَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ إلَّا بِنَصِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: "ضَعُوهَا فِي سُورَةِ كَذَا" ٤.

قَالَ: وَقَالَ الْعُلَمَاءُ: مَوَاضِعُ الْآيِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَنَفْسِ الْآيِ، وَلِهَذَا حَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّةَ التَّغْيِيرِ فِي إدْخَالِ الْحَجَرِ إلَى الْبَيْتِ٥، وَيُكْرَهُ نَقْلُ حِجَارَتِهَا عِنْدَ عِمَارَتِهَا إلَى غَيْرِهَا، كَمَا لَا يَجُوزُ صَرْفُ تُرَابِ الْمَسَاجِدِ لِبِنَاءٍ فِي غَيْرِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُعَلَّى أَبْنِيَتُهَا زِيَادَةً عَلَى مَا وُجِدَ مِنْ عُلُوِّهَا وَأَنَّهُ يُكْرَهُ الصَّكُّ فِيهَا وَفِي أَبْنِيَتِهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَيُتَوَجَّهُ جَوَازُ الْبِنَاءِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْلَا الْمُعَارِضُ فِي زَمَنِهِ لَفَعَلَهُ، كَمَا فِي خَبَرِ عَائِشَةَ٥، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِيهِ: يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّوَابِ لِأَجْلِ قَالَةِ النَّاسِ، وَرَأَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ تَرْكَهُ أَوْلَى لِئَلَّا يَصِيرَ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ وَكُلُّ وَقْفٍ تَعَطَّلَ نَفْعُهُ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ بِخَرَابٍ أَوْ غيره ولو

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الَّذِي يلي بيعه


١ في النسخ الخطية: "اتباعاً"، والمثبت من "ط".
٢ في "ط": "العيون".
٣ في "ط": "غير".
٤ أخرجه أبو داود "٧٨٦"، والترمذي "٣٠٨٦"،والنسائي "٨٠٠٧".
٥ تقدم تخريجه ٣/١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>