للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد لَا تَلْتَفِتُ إلَى الدَّمِ الْأَسْوَدِ، وَتُصَلِّي، قِيلَ لَهُ: فَتَغْتَسِلُ؟ قَالَ: نَعَمْ١، قَالَ الْقَاضِي: هَذَا عَلَى طَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ، وَالْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، لَا لِلْوُجُوبِ.

وَعِنْدَ شَيْخِنَا مَا أَطْلَقَهُ الشَّارِعُ عُمِلَ بِمُطْلَقِ مُسَمَّاهُ وَوُجُودِهِ، وَلَمْ يجز تقديره، وَتَحْدِيدُهُ بَعْدَهُ٢؛ فَلِهَذَا عِنْدَهُ الْمَاءُ قِسْمَانِ: طَاهِرٌ طَهُورٌ، وَنَجَسٌ وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّ الْحَيْضِ، وَأَكْثَرِهِ، مَا لَمْ تَصِرْ مُسْتَحَاضَةً، وَلَا لِأَقَلِّ سِنِّهِ وَأَكْثَرِهِ، وَلَا لِأَقَلِّ السَّفَرِ، لَكِنَّ خُرُوجَهُ إلَى بَعْضِ عَمَلِ أَرْضِهِ، وَخُرُوجَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى قُبَاءَ لَا يُسَمَّى سَفَرًا، وَلَوْ كَانَ بَرِيدًا، وَلِهَذَا لَا يَتَزَوَّدُ، وَلَا يَتَأَهَّبُ لَهُ أُهْبَتَهُ، هَذَا مَعَ قِصَرِ الْمُدَّةِ، فَالْمَسَافَةُ الْقَرِيبَةُ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ سَفَرٌ، لَا الْبَعِيدَةُ فِي الْقَلِيلَةِ، وَلَا حَدَّ لِلدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ، فَلَوْ كَانَ أَرْبَعَةَ دَوَانِقَ، أَوْ ثَمَانِيَةً خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا، لَا دِرْهَمًا أَسْوَدَ عُمِلَ بِهِ فِي الزَّكَاةِ وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا.

وَلَا تَأْجِيلَ فِي الدِّيَةِ، وَأَنَّهُ نَصُّ أَحْمَدَ فِيهَا، وَالْخُلْعُ فَسْخٌ مُطْلَقًا، وَالْكَفَّارَةُ فِي كُلِّ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ.

وَلَهُ فِي ذَلِكَ قَاعِدَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَقَالَ فِي قَاعِدَةٍ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي تَعَيَّنَتْ بِالنَّصِّ مُطْلَقًا، وَاَلَّتِي تَعَيَّنَتْ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ تَأْجِيلُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْ هَذَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ٣ يُؤَجِّلُهَا، وَعُمَرُ أَجَّلَهَا فَأَيَّهُمَا رَأَى الْإِمَامُ فَعَلَ، وإلا فإيجاب أحدهما لا يسوغ.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ مسائل الإمام أحمد لابن الأشعث: ٢٥.
٢ أي: بعد الشارع. أي: لا يجوز تحديد ما أطلقه الشارع عن الحد بعد إطلاقه إياه.
٣ ليست في "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>