للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسقط، وَعَنْهُ: لَا مَهْرَ لِذَاتِ مَحْرَمٍ، وَعَنْهُ: تُحَرَّمُ بِنْتُهَا، كَلِوَاطٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِخِلَافِ مُصَاهَرَةٍ؛ لِأَنَّهُ طَارِئٌ، قَالَ الشَّيْخُ: وَرَضَاعٍ. وَلَوْ وَطِئَ مَيِّتَةً لَزِمَهُ الْمَهْرُ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ. وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَوْ لَمْ يَبْطُلْ الْإِحْرَامُ بِالْمَوْتِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ إذَا طُيِّبَ، فَقَالَ: إنَّمَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّ وُجُوبَهَا يَتَعَلَّقُ بِحُصُولِ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ، وَبِالْمَوْتِ يَزُولُ، وَالْمَنْعُ لِحَقِّ اللَّهِ، لَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ، وَلِأَنَّهُ بَاطِلٌ بِالْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ١ وَلِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ بَقَاءُ التَّحْرِيمِ. وَيَزُولُ الضَّمَانُ بِالْمَالِ، كَمَا أن كسر عظم الميت مُحَرَّمٌ وَلَا ضَمَانَ، وَوَطْءُ الْمَيِّتَةِ مُحَرَّمٌ وَلَا مَهْرَ وَلَا حَدَّ. فَسَوَّى الْقَاضِي بَيْنَ الْمَهْرِ وَالْحَدِّ فِي النَّفْيِ، فَقَدْ يُتَوَجَّهُ مِنْهُ اسْتِوَاؤُهُمَا، فَيَثْبُتُ فِي هَذَا مَا ثَبَتَ فِي هَذَا.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – ٤١: لَوْ أَذِنَتْ الْأَمَةُ فِي الْوَطْءِ فوطئها فهل يجب المهر بذلك؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:

أَحَدُهُمَا: يَجِبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي٢ وَالشَّرْحِ٣، وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ وَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَهَا وَوَطِئَهَا وَجَبَ الْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ، وَلَوْ كَانَتْ مُطَاوَعَةً وَأَذِنَتْ، وَإِذْنُ الْأَمَةِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا وَلَيْسَتْ مُسْتَحِقَّةً لِلْمَهْرِ حَتَّى يَسْقُطَ بِإِذْنِهَا فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ، بَلْ الْأَوْلَى أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ هَذَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا مَهْرَ لَهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَفِي صحته بعد، والله أعلم.


١ أخرج البخاري "١٢٦٧" ومسلم "١٢٠٦" "٩٩"، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رجلاً وقصه بعيره، ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو محرم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تمسوه طيباً، ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً".
٢ ١٠/١٨٧.
٣ المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف ٢١/٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>