للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَنْ لَمْ يُغَمِّضْ عَيْنَهُ عَنْ صَدِيقِهِ ... وَعَنْ بَعْضِ مَا فِيهِ يَمُتْ وَهُوَ عَاتِبٌ

وَمَنْ يَتَتَبَّعْ جَاهِدًا كُلَّ عَثْرَةٍ

... يَجِدْهَا وَلَا يَسْلَمْ لَهُ الدَّهْرَ صَاحِبُ١

وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ: مُعَاشَرَةُ الْمَرْأَةِ بِالتَّلَطُّفِ مَعَ إقَامَةِ الْهَيْبَةِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعْلِمَهَا قَدْرَ مَالِهِ فَتَتَبَسَّطُ فِي الطَّلَبِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا احْتَقَرَتْهُ، وَرُبَّمَا نَفَرَتْ، وَلَا يُفْشِي إلَيْهَا سِرًّا يَخَافُ مِنْ إذَاعَتِهِ، وَلَا يُكْثِرُ مِنْ الْهِبَةِ لَهَا، فَرُبَّمَا اسْتَوْثَقَتْ ثُمَّ نَفَرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا جَمَاعَةً أَطْلَعُوا نِسَاءَهُمْ عَلَى الْأَسْرَارِ، وَسَلَّمُوا إلَيْهِنَّ الْأَمْوَالَ، لِقُوَّةِ مَحَبَّتِهِمْ لَهُنَّ، وَالْمَحَبَّةُ تَتَغَيَّرُ، فَلَمَّا مَلُّوا أَرَادُوا الْخَلَاصَ فَصَعُبَ عَلَيْهِمْ، فَصَارُوا كَالْأَسْرَى.

وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَدْخُلَ فِي أَمْرٍ حَتَّى يُدَبِّرَ الْخُرُوجَ مِنْهُ، وَلْيَكُنْ لِلرَّجُلِ بَيْتٌ وَلِلْمَرْأَةِ بَيْتٌ، وَلَهُ فِرَاشٌ وَلَهَا فِرَاشٌ، وَلَا يَلْقَاهَا إلَّا فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ بَيْنَهُمَا، لِتَتَهَيَّأَ لَهُ، فَالْبُعْدُ وَقْتَ النَّوْمِ أَصْلٌ عَظِيمٌ، لِئَلَّا يَحْدُثَ مَا يُنَفِّرُ، وَعَلَى قِيَاسِهِ اللِّقَاءُ وَقْتَ الْأَوْسَاخِ. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ نَامَ٢ إلَى جَانِبِ مَحْبُوبِهِ فَرَأَى مِنْهُ مَا يَكْرَهُ سَلَاهُ٣. وَحَكَى أَنَّ كِسْرَى نَظَرَ يَوْمًا إلَى مَطْبَخِهِ وَكَيْفَ تُسْلَخُ فِيهِ٤ الْغَنَمُ فَعَافَتْهُ نَفْسُهُ، وَبَقِيَ أَيَّامًا لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ، فَشَكَا ذَلِكَ إلَى بَزَرْجَمْهَرْ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، الْعِظَامُ عَلَى الْخِوَانِ، وَالْمَرْأَةُ عَلَى الْفِرَاشِ. وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ: فَإِنَّ عُيُوبَ جَسَدِ الْإِنْسَانِ كَثِيرَةٌ، وَلِهَذَا

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ ينظر الأمالي ٣/٢١٨.
٢ في الأصل: "بات".
٣ يعني نسيه. "القاموس" "سلا".
٤ ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>