للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَيْبٍ خَفِيٍّ يَعْظُمُ أَذَاهُ بِهِ, فَهُنَا لَا طَرِيقَ لَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّهُ وَيَبْقَى لَهُ عَلَيْهِ مَظْلِمَةٌ مَا, فَيَجْبُرَهَا بِالْحَسَنَاتِ كَمَا يُجْبِرُ مَظْلِمَةَ الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ.

وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي زِنَاهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ احْتِمَالًا لِبَعْضِهِمْ. لَا يَصِحُّ إحلاله, لأنه مما لا١ يُسْتَبَاحُ بِإِبَاحَتِهِ ابْتِدَاءً١, قَالَ: وَعِنْدِي يَبْرَأُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ إبَاحَتَهُ, كَالدَّمِ وَالْقَذْفِ, قَالَ: وَيَنْبَغِي اسْتِحْلَالُهُ فَإِنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَدَلَّ أَنَّهُ لَوْ أَصْبَحَ فَتَصَدَّقَ بِعِرْضِهِ عَلَى النَّاسِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَمْ يُبَحْ, وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهِ لَا يَصِحُّ, وَإِذْنُهُ فِي عِرْضِهِ كَإِذْنِهِ فِي قَذْفِهِ وَهِيَ كَإِذْنِهِ فِي دَمِهِ وَمَالِهِ.

وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ: رِضَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَوْكِيلِ الْمُدَّعِي أَسْقَطَ حَقَّهُ, فَجَازَ. قُلْنَا: لَيْسَ لَهُ إبَاحَةُ الْمُحَرَّمِ, وَلِهَذَا لَوْ رَضِيَ بِأَنْ يُشْتَمَ أَوْ يُغْتَابَ لَمْ يُبَحْ ذَلِكَ, وَتَقَدَّمَ فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ٢ أَنَّ الزَّوْجَ مَلَكَهُ بِمِلْكِ مَحَلِّهِ. وَتَقَدَّمَ فِي الْعُمْرِيِّ٣ أَنَّ النَّهْيَ إذَا كَانَ ضَرَرًا لَمْ يَمْنَعْ صِحَّتَهُ, وَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ كَأَبِي ضَمْضَمٍ؟ " ٤ وَأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ, فَلَا تُعْرَفُ صِحَّتُهُ, وَيُحْمَلُ عَلَى إسقاط حق وحد.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ ليست في "ط".
٢ "٩/٢٢".
٣ "٧/٤١٣ – ٤١٤".
٤ أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة "٦٢" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعا وأخرجه أبو داود "٤٨٨٦ و٤٨٨٧" من طريقين آخرين سيذكرهما ابن قندس في حاشيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>