للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُعِدُّ لَهُمْ الزَّادَ, وَيُحَدِّثُهُمْ بِأَسْبَابِ النَّصْرِ وَيَتَخَيَّرُ مَنَازِلَهُمْ, وَيَتْبَعُ مَكَامِنَهَا, وَيَأْخُذُ بِعُيُونِ خَبَرِ١ عَدُوٍّ وَيُشَاوِرُ ذَا رَأْيٍ, وَيَجْعَلُ لَهُمْ عُرَفَاءَ وَشِعَارًا, وَيُسْتَحَبُّ أَلْوِيَةٌ بِيضٌ وَالْعَصَائِبُ فِي الْحَرْبِ, لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ إذَا نَزَلَتْ بِالنَّصْرِ نَزَلَتْ مُسَوَّمَةً بِهَا, نَقَلَهُ حَنْبَلٌ. وَلِأَحْمَدَ٢ عَنْ عَمَّارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقَاتِلَ تَحْتَ رَايَةِ قَوْمِهِ.

وَنَادَى بَعْضُ الصَّحَابَةِ٣ فِي الْيَمَامَةِ وَغَيْرِهَا: يَا لَفُلَانٍ, وَلَمَّا كَسَعَ مُهَاجِرِيٌّ أَنْصَارِيًّا, أَيْ ضَرَبَ دُبُرَهُ وَعَجِيزَتَهُ بِشَيْءٍ, قَالَ الْأَنْصَارِيُّ, يَا لَلْأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ بِفَتْحِ اللَّامِ لِلِاسْتِغَاثَةِ وَبِفَصْلِ اللَّامِ وَوَصْلِهَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ, دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ" فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ قَدْ فَعَلُوهَا, وَاَللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ, فَقَالَ عُمَرُ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ: دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ٤.

وَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ جَوَازُ الْقَتْلِ, وَتَرْكُهُ لِمُعَارِضٍ, وَيُوَافِقُهُ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} [التوبة: ٧٣] وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ أَنَّ الْعَفْوَ كَانَ مَا لَمْ يُظْهِرُوا نِفَاقَهُمْ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَشَيْخِنَا فِي إرْثِ أَهْلِ الملل٥.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ في "ر" "أخبار".
٢ في المسند "١٨٣١٦".
٣ ذكر الطبري في تاريخه "٣/٢٩٣" أن سيدنا خالد رضي الله عنه برز ونادى بشعارهم وكان شعارهم يومئذ: يا محمداه.
٤ البخاري "٣٥١٨" ومسلم "٢٥٨٤" "٦٣".
٥ "٨/٦٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>