للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَبَرُ الْمِقْدَادِ١, قَالَ: فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ يَحْرُمُ قَتْلُهُمْ, وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَضْمَنْ الْمَقْتُولُ, بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ لِأَنَّ الْقَاتِلَ كَانَ مُتَأَوِّلًا, هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا.

وَكَمَا لَا يَلْزَمُ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ. وَقَالَ أُسَيْدَ بْنُ حُضَيْرٍ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ: إنَّك مُنَافِقٌ٢. وَقَالَ عُمَرُ عَنْ حَاطِبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ٣, وَقَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَنْ مَالِكِ بْنِ الدِّخْشَنِ: إنَّهُ مُنَافِقٌ, وَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ٤, فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُكَفِّرْ أَحَدًا. وَفِي الْبُخَارِيِّ٥ أَنَّ بَعْضَهُمْ لَعَنَ رَجُلًا يُدْعَى حِمَارًا لِكَثْرَةِ شُرْبِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" وَلَمْ يُعَاقِبْهُ لِلَعْنِهِ لَهُ, فَالْمُتَأَوِّلُ الْمُخْطِئُ مغفور له بالكتاب٦ والسنة٧.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ أخرجه البخاري "٤٠١٩" ومسلم "٩٥" "١٥٥" أن المقداد بن عمرو الكندي سأل رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا فضرب إجدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله. أأقبله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تقتله" فقال: يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد ما قطعها؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن يقول كلمته التي قال".
٢ أخرجه البخاري "٢٦٦١" من حديث عائشة رضي الله عنها.
٣ تقدم تخريجه ص "١١٦".
٤ البخاري "٤٢٥" ومسلم "٣٣" "٥٤" من حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه.
٥ في صحيحه "٦٧٨٠" من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
٦ هو قول الله تعالى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} [الأحزاب٥]
٧ أخرجه البخاري "٧٣٥٢" ومسلم "١٧١٦" "١٥" عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر".
وأخرج ابن ماجه في سننه "٢٠٤٥" عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>