للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ "إذَا اسْتَثْنَى بَعْدَ سَنَةٍ فَلَهُ ثُنْيَاهُ"١ لَيْسَ هُوَ فِي الْأَيْمَانِ إنَّمَا تَأْوِيلُهُ قَوْلُ اللَّهِ {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: ٢٣, ٢٤] فَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْكَذِبِ; لِأَنَّ الْكَذِبَ لَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ, وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ الْيَمِينِ, لِأَنَّ الْيَمِينَ تُكَفَّرُ وَالْكَذِبُ لَا يُكَفَّرُ.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ خُرُوجُهُ مِنْ الْكَذِبِ, قَالَ مُوسَى {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً} [الكهف: ٦٩] وَلَمْ يَصْبِرْ فَسَلِمَ مِنْهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ, وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي إنْ رَدَّهُ إلَى يَمِينِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ, لِوُقُوعِهَا وَتَبْيِينِ مَشِيئَةِ اللَّهِ, وَاحْتَجَّ بِهِ الْمَوْقِعُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَمَشِيئَةِ اللَّهِ: تَحْقِيقُ مَذْهَبِنَا ٢إنها يَقِفُ٢ عَلَى إيجَادِ فِعْلٍ أَوْ تَرْكِهِ, فَالْمَشِيئَةُ مُتَعَلِّقَةٌ عَلَى الْفِعْلِ, فَإِذَا وَجَدَ٣ ذَلِكَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ شَاءَ وَإِلَّا فَلَا, وَفِي الطَّلَاقِ الْمَشِيئَةُ انْطَبَقَتْ عَلَى اللَّفْظِ بِحُكْمِهِ الْمَوْضُوعِ لَهُ وَهُوَ الْوُقُوعُ, وَيُعْتَبَرُ نُطْقُهُ إلَّا مِنْ مَظْلُومٍ خَائِفٍ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, وَلَمْ يَقُلْ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: خَائِفٍ, وَفِي اعْتِبَارِ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ وَجْهَانِ, فَائِدَتُهُمَا فِيمَنْ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ عَادَةً, أَوْ أَتَى به تبركا "م ٥" ولم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ ٥" قَوْلُهُ: "وَفِي اعْتِبَارِ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ وَجْهَانِ, فَائِدَتُهُمَا٤ فِيمَنْ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ عَادَةً أَوْ أَتَى بِهِ تَبَرُّكًا", انْتَهَى.

"أَحَدُهُمَا" يَعْتَبِرُ قَصْدَ الِاسْتِثْنَاءِ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَجَزَمَ بِهِ فِي ٥الْمُسْتَوْعِبِ و٥


١ أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "١٠/٨٠".
٢ ٢ في "ط" "إنما يقف".
٣ بعدها في "ط" "ذلك".
٤ في النسخ "فائدته" والمثبت من "ط".
٥ ٥ ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>