للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يَبِينَ أَمْرُهُ وَنَصَّ أَحْمَدُ وَمُحَقِّقُو أَصْحَابِهِ عَلَى حَبْسِهِ.

وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبَسَ فِي تُهْمَةٍ١. بِخِلَافِ دَعْوَى بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَنَحْوِهِ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ كِتَابَتِهِ وَالْإِشْهَادِ وَأَنَّ تَحْلِيفَ كُلِّ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَإِرْسَالَهُ مَجَّانًا لَيْسَ مَذْهَبًا لِإِمَامٍ وَاحْتَجَّ فِي مَكَان آخَرَ بِأَنَّ قَوْمًا اتَّهَمُوا أُنَاسًا بِسَرِقَةٍ فَرَفَعُوهُمْ٢ إلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فَحَبَسَهُمْ أَيَّامًا ثُمَّ أَطْلَقَهُمْ فَقَالُوا لَهُ: خَلَّيْت سَبِيلَهُمْ بِغَيْرِ ضَرْبٍ وَلَا امْتِحَانٍ فَقَالَ لَهُمْ٣: إنْ شِئْتُمْ ضَرَبْتهمْ فَإِنْ ظَهَرَ مَا لَكُمْ وَإِلَّا ضَرَبْتُكُمْ مِثْلَ مَا ضَرَبْتهمْ فَقَالُوا هَذَا حُكْمُك؟ فَقَالَ: حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ. إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد٤ وَتُرْجِمَ عَلَيْهِ: بَابٌ فِي الِامْتِحَانِ بِالضَّرْبِ.

وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ قَالَ بِهِ وَقَالَ بِهِ شَيْخُنَا. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يَحْبِسُهُ وَالٍ قَالَ: فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: وَقَاضٍ وَأَنَّهُ لِيَشْهَدَ له {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} الآية [النور: ٨] حَمَلْنَا عَلَى الْحَبْسِ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ.

وَذَكَرَ شَيْخُنَا: الْأَوَّلُ قَوْلَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَارَ تَعْزِيرَ٥ مُدَّعٍ بسرقة وَنَحْوِهَا عَلَى مَنْ تُعْلَمُ بَرَاءَتُهُ وَاخْتَارَ أَنَّ خَبَرَ مَنْ لَهُ رَائِي جِنِّيٌّ بِأَنَّ فُلَانًا سَرَقَ كَذَا كَخَبَرِ إنْسِيٍّ مَجْهُولٍ فَيُفِيدُ تُهْمَةً كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ. يَضْرِبُهُ الْوَالِي مَعَ قُوَّةِ التُّهْمَةِ تَعْزِيرًا فَإِنْ ضَرَبَ لِيُقِرَّ لم يصح وإن ضرب

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ أخرجه أبو داود ٣٦٣٠، والترمذي ١٤١٧، والنسائي في "المجتبى" ٨/٦٧، من حديث بهز عن أبيه عن جده.
٢ في الأصل: "فعرفوهم".
٣ ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
٤ النسائي في "المجتبى" ٨/٦٦، وأبو داود ٤٣٨٢.
٥ في "ط": "تعذير".

<<  <  ج: ص:  >  >>