للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمُدَاوَمَةِ تَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ لِكَوْنِهَا سَنَةً وَهَذَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْمُشْرِكِينَ لَا تَتَرَاءَى نَارَاهُمَا" ١. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ٢ فِي أَنَّهُ يُكَثِّرُ جَمْعَهُمْ وَيَقْصِدُ نَصْرَهُمْ وَيَرْغَبُ فِي دِينِهِمْ وَكَلَامُ أَحْمَدَ خَرَجَ عَلَى هَذَا وَكَذَا فِي الْفُصُولِ: الْإِدْمَانُ عَلَى تَرْكِ هَذِهِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ غَيْرُ جَائِزٍ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ فِي الْوَتْرِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ رَاغِبًا عَنْ السُّنَّةِ. وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي الْوَتْرِ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ حَكَمَ بِفِسْقِهِ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: مَنْ تَرَكَ الْوَتْرَ لَيْسَ عَدْلًا وَقَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نَاقِصَ الْإِيمَانِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا عَمِلْتَ الْخَيْرَ زَادَ وَإِذَا ضَيَّعْتَ٣ نَقَصَ. وَقَالَ الْقَاضِي: مَنْ تَرَكَ النَّوَافِلَ الَّتِي لَيْسَتْ رَاتِبَةً مَعَ الْفَرَائِضِ لَا تَصِفُهُ بِنُقْصَانِ الْإِيمَانِ.

وَفِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ قِيلَ: لَا بَأْسَ بِتَرْكِ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَأْتِ بِهَا إلَّا إذَا صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ وَبِدُونِهَا لَا تَكُونُ سُنَّةً وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا بِحَالٍ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ كالواجبة كذا قالوا.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ رواه أبو داود ٢٦٤٥، والترمذي ١٦٠٤، عن جرير بن عبد الله وجاء في الأصل: "نارها"، وفي "ر"، "نارهم"، والتصويب من مصادر التخريج.
٢ في الأصل: "منهم".
٣ في النسخ الخطية: "نارهما"، والتصويب من مصادر التخريج.

<<  <  ج: ص:  >  >>