في الكفر, وقيل: من يتولهمفي العهد فَإِنَّهُ مِنْهُمْ فِي مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ، وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ {لا تَجِدُ قَوْماً} [المجادلة:٢٢] الْآيَةُ أَنَّ اللَّهَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْإِيمَانَ يَفْسُدُ بِمَوَدَّةِ الْكُفَّارِ، وَإِنَّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا لَمْ يُوَالِ كَافِرًا وَلَوْ كَانَ قَرِيبُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بَيَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَنَّ ذَلِكَ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْإِيمَانِ وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ يَصِيرُ كَافِرًا بِذَلِكَ، وَكَانَ الْمَرُّوذِيُّ مَعَ أَحْمَدَ بِالْعَسْكَرِ فِي قَصْرٍ فَأَشَارَ إلَى شَيْءٍ عَلَى الْجِدَارِ قَدْ نُصِبَ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: لَا تَنْظُرْ إلَيْهِ، قَالَ قُلْت "فَقَدْ نَظَرْت إلَيْهِ" قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، لَا تَنْظُرْ إلَيْهِ.
قَالَ: وَسَمِعْته يَقُولُ: تَفَكَّرْت فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: ١٣١] ,
ثم قال: تفكرت في وفيهم, وأشار نحو العسكر, وقال: ورزق ربك خير وأبقى, قَالَ: رِزْقُ يَوْمٍ بِيَوْمٍ خَيْرٌ، قَالَ وَلَا تَهْتَمَّ لِرِزْقِ غَدٍ.
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: وَذَكَرْت رَجُلًا مِنْ الْمُحَدِّثِينَ فَقَالَ: أَنَا أَشَرْت بِهِ أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَنْكَرْت عَلَيْهِ حُبَّهُ لِلدُّنْيَا.
وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرَهُ، وَقَالَ: كَمْ تَمَتَّعُوا مِنْ الدُّنْيَا إنِّي لِأَعْجَب مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ حِرْصَهُمْ عَلَى الدُّنْيَا.
قَالَ وَذَكَرْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَجُلًا مِنْ الْمُحَدِّثِينَ، فَقَالَ: إنَّمَا أَنْكَرْت عَلَيْهِ أَنْ لَيْسَ زِيُّهُ زِيَّ النُّسَّاكِ.
قَالَ: ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ: مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ١ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ عَلَى الدنيا.
ــ
١ يشير إلى قوله تعالى: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ} الآية [طه: ١٣١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute