للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو بكر ابن الْعَرَبِيِّ١: لَا يُعْلَمُ أَيَّةُ آيَةٍ عَنَتْ عَائِشَةَ بِقَوْلِهَا فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، قَالَ: وَحَدِيثُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا وَلَا مَفْعُولًا لَهُمْ.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ٢: مَعْلُومٌ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَمْ يُفْرَضْ قَبْلَ الْوُضُوءِ، كَمَا أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ اُفْتُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ لَمْ يُصَلِّ إلَّا بِوُضُوءٍ مِثْلَ وُضُوئِنَا الْيَوْمَ، قَالَ: فَدَلَّ أَنَّ آيَةَ الْوُضُوءِ إنَّمَا نَزَلَتْ لِيَكُونَ فَرْضُهَا الْمُتَقَدِّمُ مَتْلُوًّا فِي التَّنْزِيلِ، وَفِي قَوْلِهَا فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، وَلَمْ تَقُلْ آيَةَ الْوُضُوءِ مَا يُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حُكْمَ التَّيَمُّمِ، لَا حُكْمَ الْوُضُوءِ.

وَقَالَ صَاحِبُ الشفا٣: ذَهَبَ ابْنُ الْجَهْمِ٤ إلَى أَنَّ الْوُضُوءَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَانَ سُنَّةً، ثُمَّ نَزَلَ فَرْضُهُ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: بَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَرْضًا، وَيُتَوَجَّهُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا، وَالْجُمْهُورِ وَكَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ؛ وَلِهَذَا قَالَتْ عَنْ الَّذِينَ ذَهَبُوا فِي طَلَبِ الْقِلَادَةِ "فَأَدْرَكَتْهُمْ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ ماء

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]


١ في "أحكام القرآن" ١/٤٤١.
٢ في "الجامع لأحكام القرآن" ٥/٢٣٣.
٣ وهو القاضي عياض إمام المالكية في زمانه النتوفى ٥٤٤هـ.
٤ هو أبوبكر محمد بن أحمد بن الجهم ويعرف بابن الوراق المروزي. من مصنفاته: "بيان السنة"و "مسائل الخلاف" و "الحجة في مذهب مالك". ت٣٢٩هـ. شجرة النور الزكية ص ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>