للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَضُرُّ قَبْرٌ وَقَبْرَانِ، وَقِيلَ؛ بَلَى، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ أَظْهَرُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يُسَمَّى مَقْبَرَةً أَمْ لَا؟ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ الْخَشْخَاشَةَ فِيهَا جَمَاعَةٌ قَبْرٌ وَاحِدٌ وَأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُفْرَدُ كُلُّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ: نَدْبًا، أَوْ وُجُوبًا، وَأَنَّ مَعَ الْحَاجَةِ يُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ، وَهَذَا مَعْنَى الْخَشْخَاشَةِ. وَقَالَ فِي الْمُذَهَّبِ وَغَيْرِهِ: وَمَنْ دُفِنَ بِدَارِهِ مَوْتَى لَمْ تَصِرْ مَقْبَرَةً.

وَإِنْ غَيَّرَ مَوْضِعَ النَّهْيِ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا كَجَعْلِ حَمَّامٍ دَارًا، أَوْ نَبْشِ مَقْبَرَةٍ صَحَّتْ الصَّلَاةُ، وَحُكِيَ لَا: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا" وَنَبَشَ قُبُورَ الْمُشْرِكِينَ مِنْهُ، وَبَنَى مَسْجِدَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ١.

وَالْمَسْجِدُ إنْ حَدَثَ بِمَقْبَرَةٍ كَهِيَ وَإِنْ حَدَثَ حَوْلَهُ أَوْ فِي قِبْلَتِهِ فَكَالصَّلَاةِ إلَيْهَا، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَصِحُّ حَوْلَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: إنْ بَنَى فِيهَا مَسْجِدًا بَعْدَ أَنْ انْقَلَبَتْ أَرْضُهَا بِالدَّفْنِ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ، لِأَنَّهُ بُنِيَ فِي أَرْضٍ الظَّاهِرُ نَجَاسَتُهَا، كَالْبُقْعَةِ النَّجِسَة، وَإِنْ بني في ساحة طاهرة

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الْخِلَافِ فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا كَمَا تَقَدَّمَ٢، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ حَمْدَان أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَا يَخْلُو إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مِنْ نَوْعِ نَظَرٍ لِمَا تَقَدَّمَ من كلام الأصحاب.


١ البخاري "٤٢٨" ومسلم "٥٢٤" من حديث أنس.
٢ ص ١٠٨-١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>