للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مَاءٍ فَاشْتَرَاهُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ، وَأَجَابَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ: بِأَنَّ تَنَاوُلَ الِاسْمِ لِمُسَمَّاهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَغَيُّرٍ أَصْلِيٍّ وَطَارِئٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، أَوْ لَا، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، لِحَاجَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً، أو وكله في شراء ماء، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا. وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَتَنَاوَلُ مَاءَ الْبَحْرِ، فَكَذَا مَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الصِّفَةِ.

وَعَنْهُ: طَهُورٌ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ، قَالَهُ فِي الْكَافِي١ "وَ. هـ" وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ أَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ٢، وَالثَّانِي نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ كَمَا لَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ وَشَيْخُنَا. وَعَنْهُ: مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ. وَخَصَّ الْخِرَقِيُّ الْعَفْوَ بِقَلِيلِ الرَّائِحَةِ، وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ مَاءِ الْحَوْضِ "أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ" ٣ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ مَا يَقُولُهُ قَوْمٌ: إنَّ الْمَاءَ لَا لَوْنَ لَهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ هبيرة٤.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ ١/٩.
٢ هو: أبو بكر، محمد بن إسحاق بن جعفر الصاغاني ثم البغدادي، الحافظ المجود الحجة، كان ذا معرفة واسعة، ورحلة شاسعة. كان أحد الأثبات المتقنين، مع صلابة في الدين، واشتهار بالسنة، واتساع في الرواية، "ت٢٧٠هـ". "السير" ١٢/٥٩٢.
٣ أخرجه البخاري "٦٥٧٩"، من حديث عبد الله بن عمرو.
٤ هو: أبو المظفر، عون الدين، يحيى بن محمد بن هبيرة الشيباني، البغدادي، الوزير. من مصنفاته: "الإفصاح عن معاني الصحاح"، "المقتصد"، وغيرهما. "ت٥٦٠هـ". "الدر المنضد" ١/٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>