للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"هـ" وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ، مَعَ أَنَّ عِنْدَهُمْ يُمْنَعُ مِنْ اعْتِيَادِ الْقِرَاءَةِ، وَكِتَابَةِ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِهَا، لَا من فعله في آيتين قال: أَصْحَابُنَا: تَرْجَمَتُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا تُسَمَّى قُرْآنًا، فَلَا تَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ، وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ. قَالَ أَحْمَدُ: الْقُرْآنُ مُعْجِزٌ بِنَفْسِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِعْجَازَ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى.

وَفِي بَعْضِ آيِهِ إعْجَازٌ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَفِي كَلَامِهِ فِي التَّمْهِيدِ فِي النُّسَخِ وَكَلَامِ أَبِي الْمَعَالِي لَا. وَهُوَ فِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَالْآيَةُ، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ فِي أُصُولِهِ: الْأَظْهَرُ فِي جَوَابِ أَحْمَدَ بَقَاءُ الْإِعْجَازِ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ.

وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِعْجَازَ فِي اللَّفْظِ بَلْ فِي الْمَعْنَى، فَقَالَ: الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْإِعْجَازَ فِي اللَّفْظِ وَالنَّظْمِ دُونَ الْمَعْنَى أَشْيَاءُ: مِنْهَا أَنَّ الْمَعْنَى يُقَدَّرُ عَلَى مِثْلِهِ كُلُّ أَحَدٍ، يُبَيِّنُ صِحَّةَ هَذَا قَوْلُهُ: {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود:١٣] وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّحَدِّيَ بِأَلْفَاظِهَا وَلِأَنَّهُ قَالَ: {مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} ، وَالْكَذِبُ لَا يَكُونُ مِثْلَ الصِّدْقِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مِثْلُهُ فِي اللَّفْظِ وَالنَّظْمِ.

قَالَ شَيْخُنَا: يَحْسُنُ لِلْحَاجَةِ تَرْجَمَتُهُ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَفَهُّمِهِ إيَّاهُ بِالتَّرْجَمَةِ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ هَذَا الْمَعْنَى، وَحَصَلَ الْإِنْذَارُ بِالْقُرْآنِ دُونَ تِلْكَ اللُّغَةِ كَتَرْجَمَةِ الشَّهَادَةِ.

وتلزمه الصلاة خلف قارئ في وجه "وم" وَقَالَهُ "هـ" إنْ صَادَفَهُ حَاضِرًا مُطَاوِعًا، وَيُتَوَجَّهُ عَلَى الْأَشْهَرِ يَلْزَمُ غَيْرَ حَافِظٍ يَقْرَأُ مِنْ مصحف

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ، يَعْنِي: مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ الصَّلَاةُ خَلْفَ قَارِئٍ فِي وَجْهٍ، انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي الإمامة والقول باللزوم جزم به الناظم.

<<  <  ج: ص:  >  >>