للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ نَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ وَحَنْبَلٌ إذَا قَرَأَ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:٤٠] هَلْ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى، كَذَا وَجَدْته فِي الْجَامِعِ فَقَالَ: إنْ شَاءَ فِي نَفْسِهِ وَلَا يَجْهَرُ بِهَا فِي الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا، وَتُفَارِقُ الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ كَثِيرٌ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْإِنْصَاتُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِقِرَاءَةٍ يَسِيرَةٍ لَا تَمْنَعُ الْإِنْصَاتَ جَازَ. قَالَ الْقَاضِي: إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقَلَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَكْرَهُ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ يَعْنِي بِالتَّهْلِيلِ، قِيلَ لَهُ فَيَنْهَاهُمْ الْإِمَامُ؟ قَالَ لَا يَنْهَاهُمْ، قَالَ الْقَاضِي إنَّمَا قَالَ لَا يَنْهَاهُمْ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَهْرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَرُوِيَ عَنْهُ أنه كَانَ يُسْمِعُهُمْ الْآيَةَ بَعْدَ الْآيَةِ أَحْيَانًا فِي الظُّهْرِ١، وَالْجَهْرُ هُنَاكَ كَالْجَهْرِ هُنَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ مَوْضِعَ الْجَهْرِ وَقَدْ جَهَرَ بِالْيَسِيرِ، فَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، كَذَا قَالَ، وَجَهْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَجُوزُ أَنَّهُ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَسْرَارُ، وَأَنَّهُ سُنَّةٌ مَعَ أَنَّهُ لَا تَشْوِيشَ فِيهِ، وَلَا مَحْذُورَ، بِخِلَافِ جَهْرِ الْمَأْمُومِينَ، وَلِهَذَا كَرِهَ أَحْمَدُ جَهْرَهُمْ، وَجَهَرَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُكْرَهُ.

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَجِبُ أَنْ يَسْتَمِعَ، وَيُنْصِتَ، حَتَّى لَا يَشْتَغِلَ عِنْدَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ بِسُؤَالِ الْجَنَّةِ وَالتَّعَوُّذِ مِنْ النَّارِ، وَكَذَا عِنْدَهُمْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلَّا أَنْ يَقْرَأَ الْخَطِيبُ الْآيَةَ فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمَ سرا للأمر.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

دُونَ الْمُنْفَرِدِ، وَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَيَجُوزُ الْجَهْرُ لِلْمُنْفَرِدِ، وَعَنْهُ يُسَنُّ لَهُ أَيْضًا، وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: يُكْرَهُ لَهُ ذلك. انتهى.


١ أخرجه البخاري "٧٥٩" مسلم "٤٥١" "١٥٤" من حديث أبي قتادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>