للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ١، وَهَذَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ يَحْتَمِلُ الْبَعْدُ، مَعَ أَنَّهُ فِي الْحَرَمِ، وَيَحْتَمِلُ عَدَمُ الْإِمْكَانِ، وَحُضُورُ شَاغِلٍ عَنْهُ، وَلَوْ عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ، بَلْ كَانَ يُضِيفُ عَدَمَ الْإِنْكَارِ إلَيْهِ، وَغَايَتُهُ إقْرَارُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْبَهِيمَةَ لَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَرَأَهَا حَتَّى الْتَصَقَ بِالْجِدَارِ فَمَرَّتْ مِنْ وَرَائِهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ٢ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ إلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَلَمْ يَفْعَلُوا كَفِعْلِهِ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا إنْ صَحَّ فَقَضِيَّةُ عَيْنٍ تَحْتَمِلُ أنها لم تمر بين أيديهم، مع احْتِمَالِ الْبُعْدِ، أَوْ تَرَكُوهَا لِظَنِّهِمْ عَدَمَ الْإِمْكَانِ، مَعَ أَنَّهُ مَقَامُ كَرَاهَةٍ، وَهَذَا مِنْهُمْ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، فَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ عَلَى وَجْهَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.

وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً فِي الصَّفِّ قَامَ فِيهَا إذَا كَانَتْ بِحِذَائِهِ، فَإِنْ مَشَى إلَيْهَا عَرْضًا كُرِهَ، وَعَنْهُ لَا، وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: لَمْ أر أحدا

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي سُتْرَةِ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ وَمَا فِيهِمَا مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ قَالَ فَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ انْتَهَى، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، صَوَابُهُ وَالثَّانِي أَظْهَرُ، لِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقِ الشَّافِعِيَّةِ أَعْنِي "٣عُمُومَ سُتْرَةٍ٣" لِمَا يُبْطِلُهَا وَلِغَيْرِهِ، كمرور الآدمي، ومنع المصلي المار، انتهى.


١ أخرجه البخاري "٧٦" ومسلم "٥٠٤".
٢ أبو داود "٧٠٨" ولم نقف عليه عند ابن ماجه.
٣ ليست في "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>