للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّافِعِيَّةُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا الْحَنَفِيَّةُ إلَّا فِي الْعِلْمِ وَيَأْتِي كَلَامُ شَيْخِنَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا فُعِلَ ثَانِيًا أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، فَعَلَى هَذَا لَا مَدْخَلَ لَهُ هُنَا، وَكَذَا الْجِهَادُ، وَسَيَأْتِي١ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ تَعَلُّمَ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمَهُ يَدْخُلُ بَعْضُهُ فِي الْجِهَادِ وَأَنَّهُ مِنْ نَوْعِ الْجِهَادِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، قَالَ: وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَطْلَقُوا الْقَوْلَ: أَفْضَلُ مَا تُطُوِّعَ بِهِ الْجِهَادُ، وَذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُنْشِئَهُ تَطَوُّعًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ عَلَيْهِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْفَرْضَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ، فَإِذَا بَاشَرَهُ وَقَدْ سَقَطَ الْفَرْضُ فَهَلْ يَقَعُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ أَنْ صَلَّاهَا غَيْرُهُ، وَابْتَنَى عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَوَازَ فِعْلِهَا بَعْدَ الْعَصْرِ، وَالْفَجْرِ مَرَّةً ثَانِيَةً وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ فَرْضًا، وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءُ الدُّخُولِ فِيهَا تَطَوُّعًا كَمَا فِي التَّطَوُّعِ الَّذِي لَزِمَ بِالشُّرُوعِ فَإِنَّهُ كَانَ نَفْلًا، ثُمَّ يَصِيرُ إتْمَامُهُ وَاجِبًا، وَلْيَحْذَرْ الْعَالِمُ وَيَجْتَهِدْ فَإِنَّ دِينَهُ أَشَدُّ. نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: الْعَالِمُ يُقْتَدَى بِهِ، لَيْسَ الْعَالِمُ مِثْلَ الْجَاهِلِ، وَمَعْنَاهُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: يُغْفَرُ لِسَبْعِينَ جَاهِلًا قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لِعَالِمٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا: أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ، فَذَنْبُهُ مِنْ جِنْسِ ذَنْبِ الْيَهُودِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ: الْعِلْمُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، وَأَقْرَبُ الْعُلَمَاءِ إلَى اللَّهِ وَأَوْلَاهُمْ بِهِ أَكْثَرُهُمْ لَهُ خَشْيَةً، وَذَكَرَ أكثر الأصحاب بعد الجهاد والعلم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ ص ٣٣٦ و ١٠/٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>