للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى إبَاحَةِ قِرَاءَتِهِ كُلِّهِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَقَلَّ.

وَيُكْرَهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَقِيلَ يَحْرُمُ لِخَوْفِ١ نِسْيَانِهِ، وقدم بَعْضُهُمْ فِيهِ يُكْرَهُ، وَهَذَا مُرَادُ ابْنِ تَمِيمٍ بِقَوْلِهِ بِحَيْثُ يَنْسَاهُ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَشَدَّ مَا جَاءَ فِيمَنْ حَفِظَهُ ثُمَّ نَسِيَهُ. وَيَجْمَعُ أَهْلَهُ. وَيُعْجِبُ أَحْمَدَ فِي الشِّتَاءِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَفِي الصَّيْفِ أَوَّلَ النَّهَارِ.

وَكَرِهَ أَحْمَدُ السُّرْعَةَ، قَالَ: أَمَّا الْإِثْمُ فَلَا أَجْتَرِئُ عَلَيْهِ، وتأوله القاضي:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمَجْدَ وَمَنْ تَابَعَهُ لَمْ يَكْرَهْ قِرَاءَتَهُ فِي ثَلَاثٍ، وَفِيمَا دُونَهَا لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَحْيَانِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ أَعْنِي فِعْلَهُ فِي ثَلَاثٍ أَحْيَانًا وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ عدم الكراهة وقدم في الآداب الكراهة فِيمَا دُونَ ثَلَاثٍ، وَكَذَا ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُغْنِي٢ وَالشَّرْحِ٣ فِيمَا إذَا قَرَأَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ.

قُلْتُ: الصَّوَابُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى النَّشَاطِ، فَلَا يُحَدُّ بِحَدٍّ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُنْقِصُ عَنْ سُبُعٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَكَذَا فِي الْأَوْقَاتِ وَالْأَمَاكِنِ الْفَضِيلَةِ كَرَمَضَانَ، وَنَحْوِهِ، وَمَكَّةَ وَنَحْوِهَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي اللَّطَائِفِ وَأَنَّى وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، عَلَى الْمُدَاوَمَةِ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَّا فِي الْأَوْقَاتِ الْفَضِيلَةِ كَشَهْرِ رَمَضَانَ خُصُوصًا اللَّيَالِيَ الَّتِي تُطْلَبُ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَفِي الْأَمَاكِنِ الْفَاضِلَةِ كَمَكَّةَ لِمَنْ دَخَلَهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا فَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ فِيهَا مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ اغْتِنَامًا لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ عَمَلُ غَيْرِهِمْ، انْتَهَى، وَذِكْرُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَعَلَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي سَبْعٍ فَحَسَنٌ، وَأَقَلُّ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ فِي ثَلَاثَةِ أيام.


١ في النسخ الخطية: "كخوف" والمثبت من "ط".
٢ ٢/٦١١, ٦١٢.
٣ المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف ٤/١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>