للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ مَا لَمْ يُشْرَعْ جِنْسُهُ، مِثْلُ الشِّرْكِ، فَإِنَّ هَذَا لَا ثَوَابَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ لَا يُعَاقِبُ صَاحِبَهُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الرِّسَالَةِ. لَكِنْ قَدْ يَحْسَبُ بَعْضُ النَّاسِ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهِ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ مُجْتَهِدًا لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَّبِعَ دَلِيلًا شَرْعِيًّا، لَكِنْ قَدْ يَفْعَلُهُ بِاجْتِهَادِ مِثْلِهِ، فَيُقَلِّدُ مَنْ فَعَلَهُ مِنْ الشُّيُوخِ وَالْعُلَمَاءِ، وَفَعَلُوهُ هُمْ لِأَنَّهُمْ رَأَوْهُ يَنْفَعُ، أَوْ لِحَدِيثٍ كَذِبٍ سَمِعُوهُ، فَهَؤُلَاءِ إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّةُ بِالنَّهْيِ لَا يُعَذَّبُونَ، وَقَدْ يَكُونُ ثَوَابُهُمْ أَرْجَحَ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُمْ مِنْ أَهْلِ جِنْسِهِمْ، أَمَّا الثَّوَابُ بِالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ فَلَا يَكُونُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ.

قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ١: وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ لَيْلَةَ الْوَقُودِ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ لَيْلَةَ الْوَقِيدِ٢ الْبَرَامِكَةُ، لِأَنَّ أَصْلَهُمْ مَجُوسُ عَبَدَةِ النَّارِ، قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: هُمْ حَنَفِيَّةٌ، سِيرَتُهُمْ جَمِيلَةٌ، وَدِينُهُمْ صَحِيحٌ، أَمَرُوا بِذَلِكَ إظْهَارًا لِشِعَارِ الْإِسْلَامِ، كَذَا قَالَ، وَأَفْتَى جَمَاعَاتٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ بِالنَّهْيِ عَنْهُ، وَتَحْرِيمِهِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ، وَتَضْمِينِ فَاعِلِهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ.

وَقِيلَ عَنْهُ: يُسْتَحَبُّ الِاجْتِمَاعُ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ لِلصَّلَاةِ جَمَاعَةً إلَى الْفَجْرِ: وَيُسْتَحَبُّ إحْيَاءُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ لِلْخَبَرِ٣، قَالَ جَمَاعَةٌ: وليلتي العيدين

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ هو: أبو الخطاب عمر بن حسن بن علي الكلبي مؤرخ حافظ من أهل الأندلس. له: "المطرب في أشعار أهل المغرب" و "النبراس في تاريخ بني العباس" و "التنوير في نولد السراج المنير" وغيرها. "ت٦٣٣هـ". الأعلام ٥/٤٤.
٢ وهذه التسمية لعلها جاءت من اختصاص هذه الليلة بمزيد من إبقاد المصابيح في المساجد وغيرها وقد ذكرها ابن كثير في البداية والناية١٤/٢٣٥ قائلا: ومن العجائب والغرائب التي لم يتفق مثلها ولم يقع من نحو مئتي سنة وأكثر أنه بطل الوقيد في حامع دمشق في ليلة المنتصف من شعبان فلم يزد في وقيده قنديل واحد على عادة لياليه ... ثم ذكر ابن كثير أنه رأى فتيا عليها خط يد الشيخ تقي الدين ابن تيمية والشيخ كمال الدين ابن الزملكاني وغيرهما في إبطال هذه البدعة فأنفذ الله ذلك ولله الحمد والمنة.
٣ أخرج الترمذي "٤٣٥" وابن ماجه "١٣٧٤" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>