للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ يَرْفَعُهُ قَالَ: "إذَا كَانَ الرجل بأرض قي١ فَحَانَتْ الصَّلَاةُ فَلْيَتَوَضَّأْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَتَيَمَّمْ، فَإِنْ أَقَامَ صَلَّى مَعَهُ مَلَكَاهُ، وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ جُنُودُ اللَّهِ مَا لَا يُرَى طَرَفَاهُ". رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ٢ شَيْخُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَهُ، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ وَفِيهِ: "فَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مَا لَا يُرَى طَرَفَاهُ، يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ، ويسجدون بسجوده، ويؤمنون على دعائه".

وَقَالَ شَيْخُنَا: لَيْسَ الْجِنُّ كَالْإِنْسِ فِي الْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ، فَلَا يَكُونُ مَا أُمِرُوا بِهِ وَمَا نُهُوا عَنْهُ مُسَاوِيًا لِمَا عَلَى الْإِنْسِ فِي الْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ، لَكِنَّهُمْ مُشَارِكُوهُمْ فِي جِنْسِ التَّكْلِيفِ بِالْأَمْرِ، وَالنَّهْيِ، وَالتَّحْلِيلِ، وَالتَّحْرِيمِ، بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ٣، فَقَدْ يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى مُنَاكَحَتِهِمْ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ أَصْحَابِنَا. وَفِي الْمُغْنِي٤ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَصِحُّ لِجِنِّيٍّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ كَالْهِبَةِ فَيَتَوَجَّهُ مِنْ انْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ مَنْعُ الْوَطْءِ، لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً} [النحل:٧٢] وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم:٢١] وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى.

وَمَنَعَ مِنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وجوزه منهم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ القي بالكسر: قفر الأرض. "القاموس": قيي.
٢ تقدم تخريجه ص ٤١٩.
٣ فتاوى ابن تيمية ٤/٢٣٣.
٤ لم نقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>