للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَطْلَقَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَجْهَيْنِ إذَا اسْتَوَيَا، وَجَزَمَ بعضهم: الْأَوْلَى تُكْرَهُ قَالَ الْأَصْحَابُ: يُكْرَهُ لِخَلَلٍ فِي دِينِهِ أَوْ فَضْلِهِ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُصُولِ وَالْغُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: إذَا١ كَانَ بَيْنَهُمْ مُعَادَاةٌ مِنْ جِنْسِ مُعَادَاةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْمَذْهَبِ فلا ينبغي أن يؤمهم؛ لأن الْمَقْصُودُ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً إنَّمَا يَتِمُّ بِالِائْتِلَافِ، وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ"٢ وَقَالَ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ فَقُومُوا"٣. وَقَالَ صَاحِبُ "الْمُحَرَّرِ": أَوْ لدنيا، وهو ظاهر كلام جماعة،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الْمَسْأَلَةِ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَفِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْكِتَابِ: وَقِيلَ دِيَانَةً بِالْوَاوِ فَيَكُونُ الْمُقَدَّمُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ: حَيْثُ وُجِدَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ الْأَكْثَرِ، أَوْ اسْتَوَوْا عَلَى الْقَوْلِ الْآخِرِ كُرِهَتْ إمَامَتُهُ، سَوَاءٌ كَرِهُوهُ دِيَانَةً أَوْ لَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِيمَا إذَا اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ، وَكَجَمَاعَةٍ تَقَدَّمَ لَفْظُهُمْ، وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا بُدَّ أَنْ يَكْرَهُوهُ بِحَقٍّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، قَالَ الْأَصْحَابُ: يَكْرَهُهُ لِخَلَلٍ فِي دِينِهِ، أَوْ فَضْلِهِ، وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: قِيلَ دِيَانَةً بِغَيْرِ وَاوٍ فَيَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَقِيلَ أَوْ اسْتَوَيَا، عَائِدٌ إلَى قَوْلِهِ: أَكْثَرُهُمْ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مُطْلَقٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ نَوْعُ خَفَاءٍ، وَبَعْضُ نَقْصٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَكْرَهُونَهُ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ لَنَا قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِمَا ذَكَرَهُ، وهو القول٤ بالكراهة مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، كَمَا تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَسَقَطَ٥ مِنْ الْكَاتِبِ، فَيَكُونُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَاَللَّهُ أعلم.


١ بعدها في الأصل: "قال"، وقد ضرب عليها في "ب".
٢ أخرجه مسلم "٤٣٢" "١٢٢"، من حديث أبي مسعود الأنصاري.
٣ أخرجه البخاري "٥٠٦٠"، ومسلم "٢٦٦٧" "٣" "٤"، من حديث جندب بن عبد الله البجلي، وجاء في النسخ الخطية و"ط": "اختلفت".
٤ ليست في "ط".
٥ في "ح": "ونسقط".

<<  <  ج: ص:  >  >>