للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتمثل في ذلك الصراع الذي دار بين العالمين: الإسلامي والنصراني في الأندلس وصقليَّة، كما دفعت الحروب الصليبية بصفة خاصة إلى اشتغال الأوربيين بتعاليم الإسلام وعاداته، ولهذا يمكن القول بأنَّ تاريخ الاسْتِشْرَاق في مراحله الأولى هو تاريخ للصراع بين العالم النصراني الغربي في القرون الوسطى والشرق الإسلامي على الصعيدين: الديني والأيدلوجي ..

وقد نشأت الصلة بين الغرب خاصة والمسلمين عامة - كما يقول الدكتور عجيل النشمي (١) - منذ أنْ كان المسلمون في أسبانيا، وكانت أوثق الصلات بالمسلمين من فرنسا وإيطاليا وانجلترا، حيث إنَّ فرنسا عرفت المسلمين منذ أنْ اجتاح عبد الرحمن الغافقي بجيوشه جبال البرانس، واستولى على مدن كثيرة، إلى أنْ كانت موقعة بواتييه سنة ٧٧٢.

وكانت هناك صلة في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد ٨٠٩ ومراسلاته وهداياه مع الإمبراطور شارلمان ٨١٤ كان لها دور في توثيق الصِلاَتِ، ثم جاءت مرحلة الحروب الصليبية!

وهناك دوافع الحروب الصليبية التي يطول الحديث فيها، وكذلك الظواهر التي تَتَّسِمُ بها بحوث المُسْتَشْرِقِينَ، فنَّدَهَا المرحوم الدكتور مصطفى السباعي، فليرجع إليها من شاء (١).

وسارت فرنسا خطوات في احتلال شمال أفريقيا، وحملة نابليون على مصر، والانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان، وكل ذلك أثمر نتائج متعدِّدة متنوِّعة حضارية وثقافية وفكرية وعقائدية، ومن ثم كانت مدارس للدراسات الشرقية ومعاهد وجامعات ومجلاَّت.

ومعلوم أنَّ إيطاليا أعرق دول الغرب اتصالاً بالمسلمين وحضارتهم اتصالاً قوياً، ومن ثم عنيت جامعة بولونيا ١٠٧٦ بعلوم العرب، وجامعة نابولي ١٢٢٤ بثقافتهم، وجامعة روما ١٢٤٨ بالآثار واللغة والآداب العربية والألسنة السامية،


(١) " المُسْتَشْرِقُونَ وَمَصَادِرِ التَشْرِيعِ الإِسْلاَمِي ": ص ٧ وما بعدها بتصرف.
(٢) انظر: " السُنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي ": ص ١٨٧ - ١٨٩.

<<  <   >  >>