والاستيلاء على ممتلكاته، واستباحة مُقَدَّسَاتِهِ وذخائره ونفائسه، فأخذ نفر من علماء الغرب ينبغون في الاسْتِشْرَاق، ويُصْدِرُونَ المجلاَّت في عواصم الغرب، وطَفِقُوا يُغِيرُونَ على المخطوطات العربية في البلاد الإسلامية التي أصبحت نهباً مباحاً لهؤلاء الطامعين، بعد أنْ استعمرتها دولُهم وقهرتها، وبشتى الطرق ومختلف الأساليب أخذوا يجمعون هذه المخطوطات وتلك النفائس والذخائر من تراثنا العربي والإسلامي، إمَّا بشرائها من أصحابها الجَهَلَة، أو بسرقتها من المكتبات العامة التي كانت حينذاك في غاية الفوضى، وأخذوا ينقلونها إلى بلادهم ومكتباتهم ومتاحفهم!.
وإذا بأعداد من نوادر المخطوطات تنقل إلى مكتبات أوروبا ومتاحفها (١).
وإذا بنا نرى أنه قد بلغ عددها في أوائل القرن التاسع عشر (٢٥٠٠٠٠) خمسين ومائتي ألف مجلد، وما زال هذا العدد في زيادة مطردة حتى يومنا هذا!.
[عقد المؤتمرات:]
ويعتمد المُسْتَشْرِقُونَ - فيما يعتمدون - على عقد المؤتمرات العامة، من وقت لآخر، لتنظيم نشاطهم.
ويرجع تاريخ أول مؤتمر عقدوه إلى سنة ١٧٨٣ م وما زالت مؤتمراتهم تتكرَّر حتى اليوم.
[مرحلة جديدة:]
ثم مَرَّ الاسْتِشْرَاق بمرحلة جديدة، ففي القرن الثامن عشر أنشىء كُرْسِيَانِ جديدان للغة العربية في جامعتي أُكسفور وكمبردج، ثم اختتم هذا القرن بحملة نابليون على مصر وبلاد الشام، تلك الحملة التي صحبها عدد كبير من العلماء، كان أغلبهم من المُسْتَشْرِقِينَ.
وفي القرن التاسع عشر ازدهر الاسْتِشْرَاق، لما حدث من تطور كبير في الدراسات العربية، وما نشره علماء حملة نابليون، وتخريج مدرسة «دي ساس»
(١) انظر: " الاسْتِشْرَاق والمستشرقون مالهم وما عليهم ": ص ١٤، و " المستشرقون ": ١/ ١١٣، وكتابنا " الفهارس ومكانتها عند المحدثين ": ص ١٣ وما بعدها.