للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعند الأصولييِّن ما صدر عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غير القرآن من الأقوال والأفعال، وبعضهم يضيف التقرير، وبعضهم يضيف الترك، وغيرهم يضيف الهَمَّ والإشارة، ونحو ذلك، والأولى ترك ما ذكر، ما عدا الأقوال والأفعال، كما منع البيضاوي في " المنهاج "، لأَنَّ كل ما ذكر مِمَّا سواهما فهو فعل على الراجح .. ومن ادَّعَى أنَّ شيئاً مِمَّا ذكر ليس فعلاً، وأنه حُجَّةٌ، فيلزمه ذكره في التعريف (١).

وتعريفهم هذا مَبْنِيٌّ على عنايتهم بالدليل، ومنه السُنَّة التي أُمِرْنَا باتِّباعها. وعند الفقهاء: الطريقة المسلوكة في الدين من غير افتراض ولا وجوب، بمعنى النافلة والمندوب .. وبعضهم خَصَّ ذلك بنوع من القُرْبَةِ يطلق على ما داوم عليه النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من التعبُّدات، كالرواتب وصوم الاثنين والخميس، دون ما لم يُداوم عليه (٢) ..

وتعريفهم هذا مَبْنِيٌّ على عنايتهم بالحُكم.

وعند علماء العقيدة والوعظ والإرشاد (٣): ما وافقت الكتاب والحديث، وإجماع سلف الأمَّة من الاعتقادات والعبادات، وتقابلها البدعة، ومن هنا استعمل الاصطلاح المشهور: «أهل السُنَّة».

وتعريفهم هنا مَبْنِيٌّ على عنايتهم بالأعمال التعبُّدية وموافقتها للدليل، وَرَدِّ ما خالف ذلك.

[مفهوم الحديث:]

أماالحديث فإنه يطلق لغة على الجديد والخبر .. ولا يختلف معناهُ عَمَّا سبق .. وما جاء من أقوال يبدو فيها اختلافٌ في الألفاظ فهو من قَبِيلِ اختلاف العبارات لاختلاف الاعتبارات،، وليس من قَبِيلِ الاختلاف في الحقيقة، كما يتوهَّمُهُ الذين لا يمعنون النظر (٤).


(١) " أفعال الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ": ص ٤ - ٧ بتصرف.
(٢) " الحَدِيثُ والمُحَدِّثُونَ ": ص ١٠، و " أفعال الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ": ص ٥ - ٦، و " السُنّة قبل التدوين ": ص ١٨.
(٣) " الوضع في الحديث ": ١/ ٣٩ بتصرف.
(٤) " توجيه النظر ": ص ٢ - ٣.

<<  <   >  >>