للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من تلوين القديسين من هذا الركام نشأ منهج (١) , ولكنه ليس علميا بحتاً , يمكن الاعتماد عليه اعتماداً كلياً , ولإثبات هذا أذكر مثالاً واحداً:

يقول «بلتمان»: مثال آخر للطريق التي لعب بها التصور في تطوير المادة القديمة وإتقان القصة.

فيذكر لنا لُوقَا في الإصحاح ٢٣: ٣٩ - ٤٣ استهزاء وكلام المُذنبين المصلوبين مع عيسى.

«وكان واحد من المذنبين المُعَلَّقين يجدف عليه قائلا: " إنْ كنت أنت المسيح فَخَلِّصْ نفسك وإيانا " , فأجاب الآخر وانتهره قائلا: " أولاً أنت تخاف اللَّه إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه ... » بينما يذكر مرقس: ١٥ - ٣٢: «وصلبوا معه لِصَّيْنِ , واحد عن يمينه , وآخر عن يساره ... » واللذان صُلِبَا معه كانا يُعَيِّرَانِهِ. «فإنجيل مرقس أقدم من لُوقَا , بالرغم من المصدر القديم , يعطينا معلومات أقل من المصدر المتأخر , ويرى بلتمان التفاصيل الموجودة في لوقا عبارة عن زيادة في تصوير القصة وإتقانها!»

وخلاصة القول أنَّ هذا المنهج وجد للبحث في منطقة مجهولة مظلمة ذات أشواك , لإنقاذ ما يمكن إنقاذه , ولكن هيات هيات! حيث لا يمكن الاعتماد على نتائجه بحال , فكيف يمكن تطبيقه على نقد الأحاديث النبوية , وشَتَّانَ شَتَّانَ ما بين الثَّرَى وَالثُرَيَا!

[الطعن في الأفعال النبوية:]

ولم يقف الأمر عند حَدِّ الشُبُهَات المتهافتة التي أثاروها حول المفهوم والتدوين , وجهالاتهم حول السند والمَتْنِ - كما أسلفنا - فقد كتبوا في " دائرة المعارف " جهالات تحمل التهافت , يضيق المقام عن ذكرها (٢) , ونقل الأستاذ أحمد أمين بصورة غير رسمية كثيراً من آراء اليهودي المجري جُولْدْتْسِيهرْ (٣) , كما نقل


(١) انظر: المرجع السابق: ١٠١.
(٢) انظر: " دائرة المعارف ": ٢٩٠١٣ وما بعدها.
(٣) انظر " السنة ومكانتها ": ص ١٨٩ وما بعدها.

<<  <   >  >>