وإنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ أنْ يقترح «رُوبْسُنْ» لنقد الأحاديث النبوية استعمال المنهج المستعمل لنقد نصوص الأناجيل، مع أنه قد صرَّحَ بنفسه أنَّ هذا المنهج ليس مُتَّفَقاً عليه بين الباحثين في كتب العهد القديم والجديد!
ويُعقِّبُ الدكتور الأعظمي على ذلك بقوله (١): وإذا راجعنا الكتب المقدَّسة وخاصة العهد الجديد، فإننا نعود إلى ظلام دامس، حيث نجهل كل شيء، فلا ندري مؤلفي الكتب، فضلاً عن معرفتنا بسيرتهم، ولا نعلم علم اليقين اللغة التي استعملوها في تأليف كتبهم، ولا مقدرتهم العلمية لترجمة كلام عيسى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - من الآرامية إلى اليونانية!
وقد اختلف المؤرِّخُون شخصيات مؤلِّفِي العهد الجديد، يقول «سيرايدون هوسكنز» و «نُوِيلْ دِيوِي»: إنَّ مؤلفي العهد الجديد كانوا غير مُهتمِّين بالمسائل، مثل اسم المؤلف، وتاريخ الكتابة وما شاكل ذلك، وليس هناك كتاب واحد مؤرخ، والكتب التاريخية - خلافاً للرسائل - للمؤلفين المجهولين!
يقول «بلتمان»: لا ريب أنَّ مرقس أول من ألَّف، وظهر إنجيله بين الأناجيل الأربعة، لكنه لا يمكننا أنْ نقبل كلامه كتاريخ حقيقي للمسيح - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - لأنه في الواقع قد سيطرت عليه عقائد الكنيسة والتصوُّر العقائدي عن المسيح نفسه، ورتَّب المواد التي كانت بين يديه، وهذَّبها وعدَّلها حسب نظرياته.
ويقول «ولهاوزن»: إنَّ الروايات الشفهية أيضاً تأثَّرت بعقائد الكنيسة البدائية، ونمت في مجتمع بدائي، لذلك فهي مَشُوبَةٌ بنظرات المجتمع وتصوُّراته، ولا تعطينا صوراً صحيحة خالية من الخطأ، وتعليم المسيح نفسه.
ويقول «كارل كندسين»: هناك عدَّة أجيال اشتغلت في البحث والتنقيب في العهد الجديد، بغية استخلاص أعمال المسيح وشخصيته، بمساعدة علم التاريخ الحديث.
والناس مقتنعون حالياً أنَّ المواد الموجودة في هذه الكتب غير كافية لإعطائنا