والموضوعية، وألاَّ نُضْفِي على كتاباتهم الصِّفَةَ العلميَّة الأكاديمية، باستثناء طائفة قليلة منهم.
ثانياً: عدم قيام الدليل على أنَّ الاسْتِشْرَاق انفصل عن الطريق السياسي الاستعماري في تاريخنا المعاصر، فالمُسْتَشْرِقُونَ في كل البلاد الاستعمارية يتَّبعون وزارة الخارجية، مِمَّا يدل على أنَّ مُهمَّتَهُمْ سياسية وليست علميَّة، «فأنتوني إيدن» رئيس وزراء بريطانيا السابق لم يكن يتَّخذ قراراً سياسياً يتصل بالشرق الأوسط إلاَّ بعد الرجوع إلى المُسْتَشْرِقِينَ، أمثال «مرجيليوث»، كما أنَّ المُسْتَشْرِقِينَ اليهود لا يزالون يعملون على تحقيق أهداف الصهيونية العالمية!
ثالثاً: استمرار ابتعاث الدول الإسلامية لِبَنِيهَا إلى الغرب للحصول على درجات علميَّة في مجال التربية وعلم النفس والدراسات الفكرية، بل الإسلامية!
رابعاً: امتلاء كثير من كتب المُسْتَشْرِقِينَ التي بين أيدينا بالمُغالطات والتحريف والالتواء، وهي - كسابقتها - تحتاج إلى بذل جهود مشتركة من علماء المسلمين، كُلٌّ في تَخَصُّصِهِ، لتوضيح مُعْوَجِّهَا أمام القارىء المسلم وغير المسلم، وحتى تلك التي يكتبونها لمواطنيهم تحتاج إلى تجلية، كي لا يُفْهَمَ الإسلام فهماً خاطئاً!.
خامساً: لا يزال بعض تلاميذ المُسْتَشْرِقِينَ، والضَّالِعِينَ معهم من نصارى العرب، يثيرون النزعات الشعوبية بين المسلمين بقصد تفتيت وحدتهم، مثل:«الفِرْعَوْنِيَّةِ» في مصر و «البَرْبَرِيَّةِ» في شمال أفريقيا و «الكُرْدِيَّةِ» في كُلٍّ من العراق وإيران!.
سادساً: اعتراف كثير من المُسْتَشْرِقِينَ المُعاصرين - صِدْقاً أو تمويهاً - بأنَّ التعصب الديني لا يزال باقياً في كتابات عدد منهم، يقول برنارد لويس:«لا تزال آثار التعصُّب الديني الغربي ظاهرة في مؤلفات عدد من العلماء المُعاصرين، ومُسْتَتِرَةً وراء الحواشي المرصوصة في كتابات البعض الآخر منهم «كما يقول نورمان دانيل: «على رغم المحاولات التي بذلها بعض الباحثين في العصور الحديثة للتحرُّر من المواقف التقليدية للكُتَّاب المسيحيين عن الإسلام، فإنهم لم يتمكَّنوا من أنْ يَتَجَرَّدُوا منها تَجَرُّداً تاماً كما يتوهَّمون»(١).