للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كْرِيمَرْ، وشْبْرَنَجْر، وجُولْدْتسِيهِرْ، قدراً من المعلومات الخاصة بهذه المرحلة المُبَكِّرة، ولم يخامرهم الشَكُّ في صِحَّتِهَا، وكان جُولْدْتسِيهِرْ قد شغل نفسه بالمراحل التالية، فحاول على أساس الأفكار الخاطئة - التي أشرنا إليها - أنْ يعارض الروايات الخاصة ببداية التدوين والتصنيف، وبمناقشة بحثه في عمق، ونقده بمعيار دقيق، نشعر أنه لم يتعمَّق فهم القضية، ويبدو لنا كذلك أنه لم ينتبه - بادئ دي بدء - إلى الفرق بين تدوين الحديث وتصنيفه، وكذلك فقد اختلطت عليه الروايات الخاصة بهما اختلاطاً.

وذكر موقف عمر بن عبد العزيز (٩٧ هـ / ٧١٧ م - ١٠١ هـ / ٧٢٠ م) الذي اهتمَّ اهتماماً خاصاً، فكلَّف أبا بكر بن محمد بن حزم (المتوفَّى ١٢٠ هـ - ٦٣٧ م) بهذه المُهِمَّة وقال له: انظر ما كان من حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو سُنَّةٍ مَاضِيَةٍ ... الخ، وهذا الخبر معروف في الدراسات الحديثة منذ استخدمه مْوِيرْ، غير أنَّ جُولْدْتسِيهِرْ رماه بالوضع، ورأى نزوع الأجيال المتأخِّرة إلى محاولة عقد صِلَةٍ بين عمر بن عبد العزيز وكُتُب الحديث.

ثم ذكر طُرُق أخذ الحديث وتَحَمُّلِهِ (١)، وهي السماع، والعرض، والإجازة، والمناولة، والمكاتبة، والإعلام، والوصية، والوِجادة، وبيَّنَ أنَّ جُولْدْتسِيهِرْ الذي أحال في هذا الصدد - أساساً - إلى المادة التي جمعها شْبْرَنَجْر لم يعرف إلاَّ ثلاث طرق، وهي: الإجازة، والمناولة، والوِجادة، دون أنْ يتَّضح لديه عمرها، أو دورها في كتب الحديث (٢) ..

ويقول الدكتور صُبْحِي الصَّالِحْ: وأما «دُوزِي» فلعله يَخْدَعُ برأيه المعتدل كثيراً من علمائنا، فضلاً عن أوساط المتعلِّمين فينا، فقد كان هذا المُسْتَشْرِق يعترف بِصِحَّةِ قسم كبير من السُنَّة النبوية التي حُفِظَتْ في الصدور، ودُوِّنَتْ في الكتب بدقَّة بالغة، وعناية لا نظير لها، «وما كان يعجب لكثير من الموضوعات والمكذوبات، تتخلَّلُ كتب الحديث - فتلك كما يقول طبيعة الأشياء نفسها - بل للكثير من المرويات الصحيحة الموثوقة التي لا يرقى إليها الشك، - (ونصف " صحيح


(١) المرجع السابق: ص ٩٣.
(٢) انظر: " منهج النقد في علوم الحديث ": ص ٢١٥ وما بعدها.

<<  <   >  >>