للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدا) هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.

قد يقال: «خشي أن يتخذ مسجدا» معناه: خشي أن يبنى عليه مسجد، لكن يبعده أن الصحابة لا يمكن أن يبنوا حول قبره مسجدا؛ لأن مسجده لبيته؛ فكيف يبنون مسجدا آخر؟ ! هذا شيء مستحيل بحسب العادة؛ فيكون معنى قولها: «خشي أن يتخذ مسجدا» ؛ أي: مكانا يصلى فيه، وإن لم يبن المسجد.

ولا ريب أن أصل تحريم بناء المساجد على القبور أن المساجد مكان الصلاة، والناس يأتون إليها للصلاة فيها، فإذا صلى الناس في المسجد بني على قبر؛ فكأنهم صلوا عند القبر، والمحذور الذي يوجد في بناء المساجد على القبور يوجد فيما إذا اتخذ هذا المكان للصلاة؛ وإن لم يبن مسجد.

فتبين بهذا أن اتخاذ القبور مساجد له معنيان:

الأول: أن تبنى عليها مساجد.

الثاني: أن تتخذ مكانا للصلاة عندها وإن لم يبن المسجد فإذا كان هؤلاء القوم مثلا يذهبون إلى هذا القبر ويصلون عنده ويتخذونه مصلى؛ فإن هذا بمعنى بناء المساجد عليها، وهو أيضا من اتخاذها مساجد.

قوله: (وكل موضع قصدت الصلاة فيه؛ فقد اتخذ مسجدا) .

وهذا يشهد له العرف؛ فإن الناس الذين لهم مساجد في مكان أعمالهم؛ كالوزارات والإدارات لو سألت واحدا منهم أين المسجد؟ لأشار إلى المكان الذي اتخذوه مصلى يصلون فيه، مع أنه لم يبن، لكن لما كانت الصلاة تقصد فيه؛ صار يسمى مسجدا.

قوله: (بل كل مكان يصلى. . .) ، فقوله: (مسجدا) ؛ أي: مكانا

<<  <  ج: ص:  >  >>